وداعا حجاج بيت الله الحرام

0
102
وداعا حجاج بيت الله الحرام

لبيك وسعديك

ها نحن نودع أفواج الحجاج قاصدين بيت الله الحرام ومؤدين لمناسك الحج والقلوب يعتصرها ألمها وتمزقها أشواقها فارةً من الاحشاء داخلةً بين امتعة الحجاج راحلةً حيث رحلوا لتعانق عظيم الفضائل وتشم أطيب النسائم، وعزاؤها قوله عليه الصلاة والسلام وهو راجع من غزوة تبوك    (( إن في المدينة رجالاً ما سلكتم وادياً او شعباً إلا كانوا معكم حبسهم العذر))

يا راحلين الى البيت العتيق لقد * سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحا *

إنا أقمنا على عذر وعن قدر * ومن أقام على عذر فقد راحا

ومن هنا نقول لمن وفق في الذهاب من اخواننا أخلصوا النوايا وتذكروا ان الحج يعني القصد فإن كان صحيحاً كان الحج صحيحاً وإن كان غير ذلك كان الاخر، وتذكروا أن الحاج واحد من اثنين مقول له (( لبيك وسعديك والخير كله بين يديك)).

أو مقول له (( لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك)) وذلك مبني على قصده ونيته وليتذكروا معي معنى قول سيدنا علي (رضي الله عنه) واقسى ما تكلفني الليالي وقوفي بباب نحسِ؛ لأنه مذلة وإهانة والحرّ يؤلمه هذا ويكلفه ذلك غالياً.

وانا اقول واقسى منه على الحرِّ ان يوصد باب الكريم بوجهه لان الكريم لا يوصد بابه بوجه احد وإلا لما سمي كريماً، فأي جرمٍ اقترفه ذلك الحرِّ حتى اوصد الكريم بابه بوجه، وهذا عند البشر وكرماء الارض فما بالك بأكرم الكرماء برب البشر الذي يُقبل على من اقبل عليه ويجيب منْ دعاه، ويعطي كل سائل ٍ سؤله؟ أقول اي جرم ٍ أقترفه ذلك الانسان وأي ذنب عمله وأي جريمة فعلها حتى أوصلته إلى قول الله له وهو يلبي* لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك…

((لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك)) هذا يثير فينا غابةً من علامات التعجب والاستفهام، ويدعونا جاداً إلى التفكير ملياً في حجنا وقصدنا، كما ويخبرنا ويذكرنا بأننا نتعامل مع ربِّ البشر المطلع على سرِّ السريرة الذي لا يعزب عن امره مثقال حبةٍ من خردل، لهذا وذاك أدعو نفسي واخواني تذوق هذه المعاني واسأله عزَّ وجلَّ ان لا يطرد أحداً جاءه ملبياً وان يتقبل حج الحجيج ودعائهم وان يكتب لنا من الاجر والثواب والفضل مثلهم فقد حبسنا العذر وانصبنا الفراق والبعد

ولا حول ولا قوة الا بالله.