المسالة الثالثة: النتائج السلبية الناجمة من منع التعدد 9
المبحث الأول: تعريف القَسْم ومشروعيته 11
المطلب الأول: تعريف القسم لغةً واصطلاحاً 12
المطلب الثاني: مشروعية القسم بين الزوجات 13
المبحث الثاني : الأسس الشرعية المعتمدة في القَسَْم 16
المطلب الأول: القرعة 17
المطلب الثاني: استحقاق المرأة الجديدة 23
المطلب الثالث: عماد القسم الليل . 26
المطلب الرابع: القسم في المقدور عليه 28
المطلب الخامس: الإقامة . 30
المطلب السادس: الحرية . 32
المبحث الثالث: الأحكام الشرعية المترتبة على القسم 34
المطلب الأول: الأحكام المترتبة بصفة الوجوب 35
المطلب الثاني: الأحكام المترتبة بصفة الندب 40
المطلب الثالث: الأحكام المترتبة بصفة التحريم 42
المطلب الرابع: الأحكام المترتبة بصفة الإباحة 44
الموضوع الصفحة
المبحث الرابع: مسقطات القسم 46
المطلب الأول: نشوة المرأة 47
المطلب الثاني: السفر 48
المطلب الثالث: هبة المرأة حقها من القَسْم 50
المطلب الرابع: ردة المرأة 52
المطلب الخامس: طلاق المرأة 53
الخاتمة 54
ملحق التراجم 55
فهرست المصادر 63
المقدمة
الحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده وأصلي وأسلم على سيدنا وقدوتنا وشفيعنا يوم الدين محمد صلاة أتبلغ بها عند رب العالمين وتكون ذخيرتي في يوم الدين .
وبعد .
فإن من أحل نعم الله على الإنسان أن يفقهه في الدين , ويدله على مسالك ذلك التفقه , ليلهمه الرشد فيما يقول وفيما يفعل حيث يقول الرسول (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ))[1] وتنفيذاً لتعليمات الدراسة العليا في كلية صدام لإعداد الأئمة والخطباء والدعاة القاضية بكتابة بحث علمي ليكون جزءاً من متطلبات الحصول على درجة الماجستير في العلوم الشرعية , قمت مستعيناً بالحي الذي لا يموت وطالباً منه الموفقية والسداد وسلامة الطوية فاخترت عنواناً لبحثي موسوماً به وهو (( القَسْم بين الزوجات في الشريعة الإسلامية )) لما لهذا الموضوع من بالغ الأهمية في حياة الأمة الإسلامية وهي تواجه أعداءها الذين يتربصون بها الدوائر فقد اتخذوا من تشريع تعدد الزوجات وعدم الإحسان في تطبيقه ثغرة ينفذون من خلالها إلى الطعن في ديننا الحنيف لتحقيق مآربهم وتنفيذ مخططاتهم في بلاد المسلمين وإسهاماً مني في الرد على هؤلاء آثرت الكتابة في هذا الموضوع لأبين المزايا التي تنطوي تحت هذا التشريع الحكيم ومثل الحل الأفضل لمشاكل الحياة الزوجية بما يحقق العدل بين الزوجات ويضمن سلامة الخطوات في بناء البيت الإسلامي السعيد ومما شجعني أيضا على الكتابة في هذا الجانب المهم أني لم أجد بحثاً مستقلاً أفرد له من قبل أحد من الباحثين المعاصرين فأردت أن أنال شرف المبادرة فيه لعلي أنال الأجر من الرب الكريم وقد اقتضت طبيعة البحث أن يتضمن بعد هذه المقدمة تمهيداً وأربعة مباحث وخاتمة فتناولت في التمهيد بيان (( نظرة الإسلام إلى التعدد )) وبينت في أثنائه الشروط الشرعية التي يجب توفرها فيه وكذلك بينت بعض صور الحكمة من تشريعه والنتائج الناجمة من جراء المكابرة في محاربته وترك الأخذ به .
وتضمن المبحث الأول (( تعريف القسم ومشروعيته ))
وجعلته في مطلبين :
المطلب الأول: تعريف القسم لغة واصطلاحاً
المطلب الثاني: مشروعية القسم
وذكرت فيه الأدلة التي استدل بها الفقهاء على مشروعية القسم من الكتاب والسنة
والإجماع
وخصصت المبحث الثاني لذكر (( الأسس الشرعية المعتمدة في القسم ))
وجعلته في ستة مطالب :
المطلب الأول: القرعة .
المطلب الثاني: عماد القسم الليل .
المطلب الثالث: استحقاق المرأة الجديدة .
المطلب الرابع: القسم في المقدور عليه .
المطلب الخامس: الإقامة .
المطلب السادس: الحرية .
أما المبحث الثالث فموضوعه (( الأحكام الشرعية المترتبة على القسم ))
جعلته متكوناً من أربعة مطالب :
المطلب الأول: الأحكام المترتبة بصفة الوجوب .
المطلب الثاني: الأحكام المترتبة بصفة الندب .
المطلب الثالث: الأحكام المترتبة بصفة التحريم .
المطلب الرابع: الأحكام المترتبة بصفة الإباحة .
ثم المبحث الرابع الموسوم (( مسقطات القسم ))
جعلته متكوناً من خمسة مطالب :
المطلب الأول: نشوز المرأة .
المطلب الثاني: السفر .
المطلب الثالث: هبة المرأة حقها من القسم .
المطلب الرابع: ردة المرأة .
المطلب الخامس: طلاق المرأة .
ثم الخاتمة: جمعت فيها شتات ما كتبت من مباحث وخلاصة ما توصلت إليه من نتائج
واعتمدت في كتابة هذا البحث عدداً غير قليل من المصادر التفسيرية والحديثية والفقهية والأصولية والتاريخية وغيرها وكان معي في هذه المرحلة العلمية المباركة أستاذي المشرف الشيخ الدكتور مكي حسين حمدان الكبيسي الذي لم يبخل علي بالنصح والإرشاد حتى أخرج هذا البحث على هذه الصورة التي بين أيديكم فجزاه الله تعالى خير الجزاء ولا يفوتني أن أقدم خالص شكري إلى أساتذتي الذين تفضلوا بقبول هذا البحث حتى تكتمل صورته وتسدد خطواته وتقال عثراته بإذن الله تعالى ولا بد من وقفة أخيرة أبين فيها أني بذلت ما استطعت من جهد في إعداد هذا البحث فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي وأستغفر الله تعالى .
إن الشريعة الإسلامية قد أولت قضية المرأة اهتماماً كبيراً , فأوصت بها أماً قال : وبالوالدين إحساناً [3] وأوصت بها بنتاً قال يوصيكم الله في أولادكم [4] وأوصت بها زوجة قال وأتوا النساء صدقاتهن نحلة [5] وقال أيضاً وعاشروهن بالمعروف [6]ومن اهتمامها بهذه القضية تشريعها ( تعدد الزوجات ) لافتة الأنظار إلى ما سيحدث بسبب ذلك من الغيرة والشحناء في بعض الأحايين لكن القضية أكبر من غيرة هي من طبع المرأة فالمسألة تتعلق بإنقاذ المجتمع من الضياع والهلاك وإبعاد المرأة من أن تكون أداة بيد العابثين حتى إذا ذهبت زهرة شبابها طرحت لتصارع الويلات والمصائب بلا ناصر ولا معين والمحافظة على كرامة المرأة وجعلها عزيزة في عصمة رجل مأمور بإكرامها والإحسان في معاشرته لها وسأتناول بعض المسائل التي من خلالها نستبين ماهية شروط تعدد الزوجات وماهية الحكمة من ذلك وبعض النتائج السلبية متن أثر المكابرة في قبول حكم الله في ذلك .
المسألة الأولى : شروط إباحة تعدد الزوجات
الشرط الأول : العدل
قال وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة [7] أفادت هذه الآية الكريمة أن العدل شـرط لإباحة التعدد فإذا خاف الرجل من عدم العدل بين زوجاته إذا تزوج أكثر من واحدة كان محظوراً عليه الزواج بأكثر من واحدة ولا يشترط اليقين من عدم العدل لحرمة الزواج بالثانية , بل يكفي غلبة الظن فإذا كان غالب ظنه أنه إذا تزوج زوجة أخرى مع زوجته , لم يستطع العدل بينهما حرم عليه هذا الزواج[8] . ولكن بقي أن نعرف ما المقصود من العدل المطلوب من الرجل لإباحة التعدد له .
إن العدل المطلوب هو التسوية بين زوجاته في النفقة والكسوة والمبيت ونحو ذلك من الأمور المادية مما يكون في مقدوره واستطاعته . أما التسوية بين زوجاته في المحبة وميل القلب ونحو ذلك من الأحاسيس و فهذه الأمور غير مكلف بها[9] . على تفصيل سنراه لاحقاً إن شاء الله .
الشرط الثاني : القدرة على الإنفاق
والشرط الثاني لإباحة تعدد الزوجات القدرة على الإنفاق على المرأة الجديدة والقديمة والحق أن القدرة على الإنفاق هي شرط مترتب عليه الزواج مطلقاً .
قال وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله [10] فقد أمر الله بهذه الآية الكريمة من يقدر على النكاح ولا يجده بأي وجه . وتعذر عليه أن يستعفف
ومن وجوه تعذر النكاح أن لا يجد ما ينكح به من مهر ولا قدرة على الإنفاق على زوجته[11]وكذلك يستدل على شروط الإنفاق بقوله فإن خفتم ألاّ تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألاّ تعولوا [12] فقد روي ‘ن الإمام الشافعي أنه قال في معنى( ألا تعولوا) أي (لا يكثر عيالكم)[13] وفي هذا إشارة إلى الإنفاق لأن الخوف من كثرة العيال لما تؤدي إليه هذه الكثرة من ضرورة كثرة الإنفاق على الزوجات عند إرادة التعدد شرط لإباحة هذا التعدد[14] .
وقد يستدل على شرط القدرة على الإنفاق بالحديث الصحيح عن النبي ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )[15] والباءة هي مؤنة النكاح في أحد القولين عند الفقهاء[16].
المسألة الثانية: حكمة تعدد الزوجات
الحكمة من تعدد الزوجات بعد توافر الشروط . حكمة واضحة بالنسبة للرجل والمرأة وتكون هذه الحكمة إما لحاجة الرجل إلى ذلك بسبب عدم كفايته بزوجة واحدة أو لحاجة المرأة إلى ذلك .
أولاً ك حاجة الرجل إلى التعدد
يكون عند بعض الرجال من الرغبة الجنسية ما لا تستطيع المرأة الواحدة تحقيقها وبذلك يكون من العدل والإنصاف إعطاء الفرصة لتعدد الزوجات من أجل تصريف تلك الرغبة وفيما يأتي بعض وجوه الحاجة بالنسبة للرجل :
أ- يكون لدى قسم من الرجال شهوة جنسية عارمة وقوية تجعله لا يكتفي بزوجة واحدة فقط لكثرة الأيام التي لا تصلح فيها المرأة للمعاشرة الجنسية كأيام الحيض الذي قد يستمر إلى أسبوعين , وإذا ولدت المرأة فقد تفقد -عند ذاك – قدرتها الأنثوية وقد يمنع الزوج من الاقتراب منها أربعين يوماً أو أكثر وهذه الحالة تتطلب علاجاً صحيحاً فماذا يفعل الرجل إذا لم يستطع الصبر على هذا الوضع ؟ أيعاشر امرأة ثانية معاشرة محرمة لم يكن لها في هذه المعاشرة من الحقوق الشرعية ولا لأولادها , ويسيء إليها في ذلك إساءةً بالغة ؟ أم يتزوج بامرأة ثانية يصون حقوقها وكرامتها وكرامة أولادها وحقوقهم أيضاً ؟[17]
ب- كون الزوجة عقيمة أو لا تصلح للحياة الزوجية لمرضها والزوج يتطلع إلى الذرية وهو تطلع مشروع وكذلك يريد ممارسة الحياة الزوجية الجنسية وهو شيء مباح ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بالزواج بأخرى فمن العدل والإنصاف والخير للزوجة نفسها أن ترضى بالبقاء زوجة وأن يسمح للرجل بالزواج بأخرى [18] .
ج- قد يتطلب عمل الرجل السفر الطويل , ولا يستطيع أخذ زوجته معه كلما سافر ولا يستطيع أن يصبر- أيضاً – في سفره هذا بدون زوجته فماذا يفعل إذاً ؟ ليس أمامه إلا
أن يتصل بامرأة ثانية اتصالاً غير مشروع ولا يكون للمرأة حقوق الزوجية ولا يكون لأولادها الذين سيأتون منه حقوق الأولاد الشرعيين أو يتزوج بامرأة ثانية لها حقوقها ولأولادهم حقوق –أيضاً- يعترف بها وبهم المجتمع ويعيش الجميع في عزةٍ وكرامة وحياة طيبة هانئة .[19]
ثانياً: حاجة المرأة إلى التعدد
تكون المرأة في بعض الحالات هي الأخرى محتاجة إلى هذا التشريع العظيم أي تعدد الزوجات وفيما يأتي بعض الوجوه لحاجة المرأة إلى التعدد .
أ- يكون في زمن معين أو مكان معين عدد النساء أكثر من عدد الرجال وذلك لأسباب مختلفة منها ( أن تغتال الحروب كثيراً من الرجال فيكثر من لا كافل لها من النساء فيكون الخير لهن أن يكنَ ضرائر ولا يكنَ فواجر يأكلن بأعراضهن ويعرضن أنفسهن بذلك لمصائب ترزحهن أثقالها )[20] فتشريع التعدد في هذه الحالة يأتي بالخير للمرأة .
ب- في بعض الأحايين تكون المرأة من أقارب الرجل ولا معيل لها , وهي غير متزوجة , أو أرملة مات زوجها , ويرى هذا الرجل أن من أحسن الإحسان لها أن يضمها إلى بيته مع زوجته الأولى فيجمع لها الإعفاف والإنفاق عليها وهذا خير لها من أن يتركها وحيدة ويكتفي بالإنفاق عليها[21] .
المسألة الثالثة: النتائج السلبية الناجمة من منع التعدد
أصبح واضحاً كل الوضوح أن الدول التي منعت تعدد الزوجات مكابرةً قد انتشر فيها الزنا انتشاراً ملحوظاً وعجيباً وهذا أمر متوقع فأين تنصرف الفتيات الزائدات على عدد الرجال في هذا المجتمع الذي حوى جميع ألوان الإغواء والإثارة الجنسية من الصور الفاضحة الخليع والأفلام الماجنة والقوانين التي ترعى ذلك وتؤيده ,
وعلى سبيل المثال لا الحصر هذه تركيا التي تنكرت للإسلام وقلبت له ظهر المجن سنة 1926 حين منعت التعدد قد انتشر فيها الزنا انتشاراً عجيباً بعد أن كانت رائدة للفضيلة والأخلاق الحميدة حين كانت حامية لتعاليم الإسلام . ولو أجرينا مقارنة بسيطة بين الإسلام الذي يشرع تعدد الزوجات وبين الغرب الذي يمنع ذلك ويبيح الخليلات والخدينات لتبين لنا أن الغرب قد وقع في مشكلة بسبب انتشار الأزمات والأمراض الناجمة من جراء ذلك ويكفينا أن نعلم أن مشكلة الطفولة غير الشرعية التي يعاني منها الغرب الآن هي كافية لهد جميع ما بناه من تعاليم وحضارة على ما يسمونها ,
ولاحظ على سبيل المثال لا الحصر في مجتمع السويد انتشرت فيه الولادة غير الشرعية انتشاراً مفزعاً حتى بلغت سنة 1962 نسبة واحد إلى تسعة وبلغت في انكلترا وويلز نسبة واحد إلى خمسة عشر وفي الدانمرك أعلنت الإحصائية الرسمية لسنة 1962 ( أن بين كل اثني عشر طفلاً من أولاد الدانمركيين طفلاً واحداً غير شرعي , وأظهرت التقارير حالات من الأمراض السرية التناسلية بين المراهقين والمراهقات من 12-15 وهذا معناه أن الأمراض السرية تجاوزت الرشيدات إلى المراهقات وفوق ذلك ما حدث في فرنسا بين الحربين العالميتين فقد بلغت نسبة أولاد السفاح ما يقارب من خمسين بالمائة من مجموع المواليد وكانوا يسمون أولاد السفاح باسم (الأولاد الطبيعيين) وهكذا تنعكس الموازين حتى يصير أولاد الحلال كأنهم أولاد غير طبيعيين . أما الأمراض التناسلية التي أصيب بها السكان فبلغت سبعين بالمائة من مجموع البالغين[22] .
وكذلك سن قانون الزواج الجماعي المنتشر الآن في الغرب الفاجر وهو أن يتزوج جماعةٌ فيكونون جميعاً مع زوجاتهم في بيت واحد ويتبادلون الزوجات في ذلك المسكن وأنشِأت نوادٍ
مختصة لتبادل الزوجات يأخذ كل رجل زوجة غيره بالقرعة ويمارس معها ما يمارس الزوج مع زوجته هذه نتيجة المكابرة على شرع الله فماذا لو عمل هؤلاء بشرع الله أما كان فيه الخلاص من هذه الويلات والمصائب ولكن كما قال الله
لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون [23]
المبحث الأول
تعريف القسم ومشروعيته
ويشتمل على مطلبين :
المطلب الأول: تعريف القسم لغةً واصطلاحاً
المطلب الثاني: مشروعية القسم بين الزوجات
المطلب الأول: تعريف القسم لغةً واصطلاحاً
القسم لغةً: مصدر قسَمَ الشيء يقسمه قسماً فانقسم والموضع مقسِم مثال مَجلِس .
وقسمه: جزأه , وهي القسمة[24] والقسم أيضاً العطاء , والرأي و والشَكَ[25] وهو بفتح القاف وسكون السين , وبابه ضرب ولا يجمع على هذه الحالة[26] .
والقِسْم بكسر القاف وسكون السين النصيب والحظ والجمع أقسام وهو القسيم يقال هذا قسمك وهذا قسمي ويقال قسمت الشيء بين الشركاء وأعطيت كل شريط مقسمه وقسمه وقسيمه[27] .
ومنها حصاة القسم: وهي حصاة تلقى في إناء ثم يصب فيه الماء ما يغمرها وذلك إذا كانوا في سفر ولا ماء إلاّ يسير فيقسمونه هكذا[28]
ومنها القسّام: الذي يقسم الدور والأرض بين الشركاء فيها[29] .
والقَسَم: بالتحريك اليمين والحلف[30] .
القَسْمُ اصطلاحاً: بفتح القاف وهو (المبيت عندهن (أي الزوجات ) للصحبة والمؤانسة)[31] وعرفه بعضهم بقوله ( القسم هو مبيت الزوج مع زوجته في نوبتها سواء حصل في هذا المبيت وطء أم لم يحصل )[32] .
المطلب الثاني: مشروعية القَسْم بين الزوجات
استدل العلماء على مشروعية القسم بين الزوجات بأدلة عديدة من القرآن الكريم والسنة الشريفة وكذلك من الإجماع الحاصل في بعض مسائله وفيما يأتي بيان ذلك :
أولاً: أدلتهم من الكتاب الكريم
قال في سورة النساء وإن خفتم ألاّ تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألاّ تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألاّ تعولوا[33] وجه الدلالة قوله (ألاّ تعولوا) . (( والعول في الأصل الميل المحسوس يقال عال الميزان عولاً إذا مال , ثم نقل إلى الميل المعنوي وهو الجور , ومنه عال الحاكم إذا جار و والمراد هنا الميل المحظور المقابل للعدل ))[34] , وهناك تفاسير أخرى لمعنى العول ولكن الرأي الغالب ما أثبتناه[35] ولم يترك القرآن الكريم المسألة عائمة من غير قرار بل وفي موضع آخر بين المراد من ذلك أن العدل بين النساء في المقدر عليه وليس المراد من ذلك ما لا يملكه إلاّ الله كالميل القلبي والمحبة فقال ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة… [36] .
قال ابن كثير موضحاً المعنى (وإن أصلحتم في أموركم وقسمتم بالعدل فيما تملكون واتقيتم الله في جميع الأحوال غفر الله لكم ما كان من ميل إلى بعض النساء دون بعض)[37] وقال القرطبي (أخبر تعالى بنفي الاستطاعة بالعدل بين النساء وذلك في ميل الطبع في المحبة والجماع والحظ من القلب فوصف الله تعالى حالة البشر وأنهم بحكم الخلقة لا يملكون ميل قلوبهم إلى بعض دون بعض )[38]
وقال أيضاً في وجوب المعاشرة بالسوية والعدل بين الزوجات وعاشروهن بالمعروف [39]
قال ابن قدامه المقدسي وليس مع الميل معروف كما قال العلماء[40] .
ثانياً : أدلتهم من السنة
استدل العلماء على مشروعية القسم بين الزوجات بأحاديث كثيرة نذكر بعضها ونترك الباقي لنشاهده واضحاً في طيات البحث إن شاء الله تعالى .
فقد استدلوا بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ( كان رسول الله يقسم بين نسائه فيعدل) ويقول (اللهم هذا قسمي فيما أملك , فلا تلمني فيما تملك ولا أملك )[41] .
وكذلك استدلوا بما رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله ( من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل )[42] قال الشوكاني ( وفيه دليل على تحريم الميل إلى إحدى الزوجتين دون الأخرى إذا كان ذلك في أمر يملكه الزوج كالقسمة والطعام والكسوة )[43] , واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله لما كان في مرضه جعل يدور في نسائه ويقول ( أين أنا غداً؟ أين أنا غداً )[44]ومن هذا قال العلماء بوجوب القسم على الزوج ولو كان مريضاً هذا إذا استطاع فإن شق عليه ذلك استأذن في المكوث عند واحدة منهن كما فعل النبي في استئذانه باقي نسوته في المكوث عند عائشة السابق الذكر فأذن له فمكث عندها حتى مات في
بيتها[45] وقال العلامة ابن حجر العسقلاني تعقيباً على هذا الحديث ( والغرض منه هنا أن القسم لهن يسقط بأذنهن في ذلك فكأنهن وهبن أيامهن للتي هو في بيتها[46] .
ثالثاً: الإجماع
ومن الأدلة على مشروعية القسم بين الزوجات إجماع أهل العلم عليه وفيما يأتي بعض صور الإجماع عند العلماء في موضوع القسم بين الزوجات :
1- إجماعهم على وجوب التسوية بين الزوجات في القسم والأمور المقدور عليها . لقد أجمع العلماء على وجوب التسوية بين الزوجات في القسم والأمور المقدور عليها والتي يستطيع الإنسان أن يقوم بها من غير أن يشق عليه دفعاً للظلم والجور وأذية النساء[47] .
2- إجماعهم على وجوب القسم على الزوج لزوجته المريضة . أجمع أهل العلم على وجوب القسم على الزوج لزوجته المريضة والرتقاء والحائض والنفساء والمحرمة والصغيرة والممكن وطئها وكلهن في القسم سواء وكذا المجنونة التي لا يخاف ضررها فإن خاف منها ضرراً فلا قيم لها . نقل هذا الإجماع ابن قدامه المقدسي[48] . ولم أجد كلاماً مخالفاً للعلماء في هذه المسألة .
3- إجماعهم على وجوب القسم بين زوجته المسلمة والكتابية .
قال ابن قدامه ( المسلمة والكتابية في القسم سواء … قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن القسم بين المسلمة والذمية سواء … وذلك لأن القسم من حقوق الزوجية فاستوت فيه المسلمة والكتابية )[49] .
المبحث الثاني
الأسس الشرعية المعتمدة في القسم
اعتمد الفقهاء بعض الأمور التي جعلوها أساساً معتبرة في القسم بين الزوجات وعليها يناط حق الزوجة على الرجل من القسم وجوداً أو عدماً .
وفيما يأتي ذكر لهذه الأسس التي جعلتها على ستة مطالب :
المطلب الأول:القرعة .
المطلب الثاني: استحقاق المرأة الجديدة .
المطلب الثالث: عماد القسم الليل .
المطلب الرابع: القسم في المقدور عليه .
المطلب الخامس: الإقامة .
المطلب السادس: الحرية .
المطلب الأول: القرعة
من الأسس المعتمدة في القسم – القرعة – وهي من قرعته إذا كففته وسميت المقرعة , لأنها تكف بها البداية واستعيرت في هذا المجال على القرعة في الحكم لأنه يكف بها الخصوم وتكف بها الخصومة .
لا خلاف بين الفقهاء في إجازتهم اللجوء إلى القرعة في تعيين الحق لا إنشائه وتحديد النصيب لا للحكم به ومع ذلك فخم مختلفون في تكييف هذه الحالة .
فالجمهور على أن اللجوء إلى القرعة ناتج عن مشروعية القرعة من حيث المبدأ بينما ذهب الأحناف إلى ـن ذلك ناتج عن استحسان خارج عن قياس حرمتها وعدم شرعيتها عندهم[51] أما القرعة المنشئة للحق فقد أجازها الجمهور ورفضها الحنفية رفضاً قاطعاً لأنهم يعدونها بمعنى القمار[52].
أدلة الفريقين:
استدل الفريقان على نصرة مذهبهم بأدلة نجمل منها ولا نوردها كاملة .
أدلة الجمهور: استدل الجمهور على نصرة مذهبهم بأدلة من الكتاب والسنة وعمل الصحابة :
أولاً: الأدلة من الكتاب
فقد استدلوا بقوله حكاية عن سيدنا يونس فساهم فكان من المدحضين[53]
واستدلوا بقوله وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم [54] .
وجه الاستدلال أن القرآن الكريم حكى لنا ذلك من غير نكير . ولو كانت محرمة لأشار إلى ذلك فلما لم يشر إلى ذلك تبين لنا مشروعية ذلك . قال ابن القيم ( فهذان نبيان كريمان استعملا القرعة . وقد احتج الجمهور بشرعِ من قبلنا إن صح ذلك عنهم )[55] . ولم يرد في شرعنا ما ينسخه ولم يعارض قاعدة من قواعد الإسلام[56] .
ثانياً: الأدلة من السنة
فقد استدلوا بأحاديث كثيرة نجمل منها :
1- ما جاء في الصحيحين : عن النبي أنه قال ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلاّ أن يستهموا عليه لاستهموا)[57] .
2- واستدلوا بحديث السفينة المشهور الذي رواه أصحاب السنن ولفظه عند البخاري بسنده إلى النعمان بن بشير عن النبي قال ( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة ..)[58] .
3- ما ثبت من فعله في إقراعه بين نسائه في سفره في الأحاديث الصحيحة فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت ( كان النبي إذا أراد أن يخرج , أقرع بين
نسائه فأيهن يخرج سهمها خرج بها النبي فأقرع بيننا في غزوة غزاها – هي غزوة بني المصطلق – فخرج فيها سهمي فخرجت مع النبي بعدما أنزل الحجاب)[59] .
4- أخرج مسلم في صحيحه عن عمران بن حصين : أن رجلاً أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعاهم رسول الله فجزأهم أثلاثاً ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة )[60] .
ثالثاً: عمل الصحابة
فقد ثبت أن أصحاب رسول الله قد لجئوا إليها .
فقد روى البخاري أن أقواماً اختلفوا في الآذان عند رجوعهم من القادسية – وقد أصيب المؤذن – فأقرع بينهم سعد ابن أبي وقاص بعد أن اختصموا إليه وهو أمير الناس يومئذٍ فخرجت القرعة لرجل منهم فقام فأذن في الناس[61] .
رأي الأحناف وتوجيهه:
رغم أن الحنفية يلجئون إلى القرعة في ما لا حق فيه كالاقتراع على الأوزان وسداد دين المعسر وإقراء الضيف إلاّ إنهم يعتبرون ذلك من باب الاستحسان خروجاً على القاعدة في تحريمها فيما فيه حق لا يثبت إلاّ بالبينة ويرون أن القرعة لا تستقيم على القاعدة لأنها في معنى القمار وحينئذٍ لا يجوز أن يحتكم إليها بحق إنشاءً[62] .
قال الجصاص وهو يجوز العمل بالقرعة استحساناً في مثل قوله إذ يلقون الأقلام أيهم يكفل مريم [63] لأن الرضا بكفالة الواحد منهم بعينه جائز في مثله … وإلقاء الأقلام هنا يشبه القرعة
في القسمة . وفي تقديم الخصوم إلى الحاكم وهو نظير ما روي عن النبي أنه كان إذا أراد سفراً اقرع بين نسائه , وذلك لأن التراضي على ما خرجت به القرعة جائز من غير قرعة .وكذلك حكم كفالة مريم (عليها السلام)[64] .
وحكى القرطبي عدم قبول الحنفية لمبدأ القرعة بقوله ( وردَ العمل بالقرعة أبو حنيفة وأصحابه , وردّوا الأحاديث الواردة فيها وزعموا أنها لا معنى لها , وأنها تشبه الأزلام التي نهى الله عنها )[65] .
والذي يظهر أن الحنفية إنما ذهبوا إلى ذلك استناداً إلى القاعدة عندهم القائلة (إن الزيادة على النص نسخٌ) ونسخ الدليل القطعي بدليل ظني لا يجوز عندهم وهذه الأحاديث إنما تخالف القواعد العامة التي تثبت الحق وهي معروفة والأحاديث ظنية فلم يقولوا بموجبها بجواز القرعة والله أعلم .
خلاصة الرأي في القرعة .
وبعد تتبع الآثار وأقوال العلماء ظهر ما يأتي :
أ- إن جمهور الفقهاء على مشروعية القرعة مطلقاً إذا توفرت شرائطها .
ب- إن الحنفية منعوها في القياس لأنها في معنى القمار ولكنهم أجازوها استحساناً في مسائل جاءت بها الآثار وبينت السنة العملية عن رسول الله أنه لجأ إليها , والراجح في هذه المسألة هو رأي الجمهور بجواز القرعة والله أعلم .
ثمرة هذا الخلاف .
وتظهر ثمرة هذا الخلاف في موضوع القسم في مسألتين:
المسألة الأولى: هي ابتداء القسم
فقد ذهب القائلون بمشروعية القرعة من حيث المبدأ وهم الجمهور إلى وجوب القرعة في ابتداء القسم[66] .
إلاّ المالكية فقد جعلوا له الخيار في ابتداء القسم[67] , وبعض فقهاء الشافعية لكن الراجح في المذهب الأول[68] ويترتب على هذا أن الرجل إذا ابتدأ القسم بين أزواجه بلا قرعة إثم لأن في الابتداء تمييزاً على الأخريات[69] .
أما الأحناف ومن وافقهم وهم المالكية وبعض فقهاء الشافعية ذهبوا إلى أن الرجل مخير في ابتداء القسم بمن شاء ولكن يستحب له أن يقرع تطبيباً لخواطر نساءه ولا إثم عليه إذا ابتدأ القسم بلا قرعة[70] .
المسألة الثانية: السفر
فقد أوجب الجمهور القرعة على من أراد السفر وأراد الاقتصار على أخذ واحدة من أزواجه وبهذا قالت المالكية والشافعية والحنابلة وأهل الظاهر[71] إلا أن مالكاً خصه بسفر القربة كسفر الحج والجهاد وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم [72]
أما الأحناف : فقد ذهبوا إلى عدم الوجوب وقالوا ( …لكن الأفضل أن يقرع بينهن فيخرج بمن خرجت قرعتها تطبيباً لقلوبهن ودفعاً لتهمة الميل عن نفسه هكذا كان يفعل
رسول الله إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه )[73] وهو رواية عن مالك[74] وعلى هذه الأقوال يترتب حكم من سافر بإحدى نسائه من غير قرعة وعلى ثلاثة مذاهب :
الأول : أنه لا يقضي سواء أقرع أو لم يقرع وبه قال أبو حنيفة ومالك .
والثاني : أنه يقضي سواء أقرع أو لم يقرع وبه قال أهل الظاهر .
والثالث :أنه إن أقرع لم يقض وإن لم يقرع قضى وهذا قول الشافعي وأحمد [75] .
المطلب الثاني : استحقاق المرأة الجديدة
ومن الأسس الشرعية المعتمدة في القسم خصوصية المرأة الجديدة بعدد معين من الأيام وقد اختلف العلماء في ذلك إلى ثلاثة مذاهب :
المذهب الأول : ذهب فريق من العلماء إلى القول أن البكر تخص بثلاثة أيام وتخص الثيب بليلتين وممن قال بذلك الإمام سعيد بن المسيب والحسن وخلاس بن عمرو ونافع مولى ابن عمرو وروي نحوه عن الأوزاعي [76]
المذهب الثاني: وذهب بعضهم إلى القول بأنه لا فضل للجديدة في القسم فالبكر والثيب في القَسْم سواء وممن قال بذلك الحكم و حماد وأبو حنيفة [77] .
المذهب الثالث: وذهب جمهور الفقهاء إلى أن البكر تؤثر بسبع ليالٍ والثيب تؤثر بثلاث ولا قضاء عليه وممن قال بذلك ( أنس بن مالك ) في رواية عنه والشعبي والنخعي وإسحاق وأبو عبيد وابن المنذر وأبو ثور وابن جرير وابن حزم وبه قال مالك والشافعي وأحمد[78] .
أدلة المذاهب ومناقشتها :
أدلة الفريق الأول : استدل أصحاب الرأي الأول بما روي مرفوعاً عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله 🙁 البكر إذا نكحها الرجل وله نساء فلها ثلاث ليالٍ وللثيب ليلتان ) رواه الدار قطني[79] .
وأجيب بأن هذا الحديث في إسناده محمد بن عمر الواقدي وثقه محمد بن إسحاق الصنعاني , مصعب الزبيري وقال الدار وردي : أمير المؤمنين في الحديث وضعفه الدار قطني ,
وقال البخاري وأبو حاتم متروك , ورماه أحمد بالكذب والنسائي بالوضع , وقال الذهبي استقر الإجماع على وهنه[80] وقال الشوكاني هذا الحديث ضعيف جداً لا يقوى أن يحتج به[81] وقد روي حديث مرسل جيد الإسناد في البكر مخصوصة .
رواه عبد الرزاق عن ابن جريح عن عمرو بن شبيب ومحمد بن إسحاق أن رسول الله قال: (للبكر ثلاث)[82] .
أدلة الفريق الثاني : استدل أصحاب الرأي الثاني بعمومات النصوص الدالة على العدل والمساواة بين النساء قال فإن خفتم ألا تعدلوا [83] قالوا أن الله إنما قال ذلك عقب قوله فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع أي إن خفتم ألا تعدلوا في القسم والنفقة في نكاح المثنى والثلاث والرباع فواحدة … وإنما يخاف على ترك الواجب فدل أن العدل بينهن في القسم والنفقة واجب )[84] وقوله وعاشروهن بالمعروف [85] .
وقوله ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل [86] أي لن تستطيعوا أن تعدلوا في المحبة فلا تميلوا في القسم[87] وقد رويت في ذلك أحاديث نذكر منها ما رواه أبو هريرة قال : قال رسول الله : ( من كان له امرأتان , فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ) أخرجه أصحاب السنن الأربعة ورواه أحمد وإسحاق بن راهوية والبزاز في مسانيدهم ومن طريق ابن راهوية رواه ابن حيان في صحيحه ورواه الحاكم في المستدرك[88] .
وما روته السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي كان يعدل في القسمة بين نسائه وكان يقول ( اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك ) رواه أصحاب السنن الأربعة وأحمد وإسحاق بن راهوية والبزاز في أسانيدهم وابن حيان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح هذا على شرط مسلم[89] .
وأجيب بأن هذه الآيات والأحاديث نصوص عامة في العدل والقسم وقد وردت أحاديث صحت عن النبي تخصص تلك المعلومات والعام يحمل على الخاص كما هو معلوم[90].
أدلة الفريق الثالث : استدل أصحاب الرأي الثالث بما رواه البخاري ومسلم عن أبي قلابة عن أنس قال ( من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعاً وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً ثم قسم ) قال أبو قلابة لو شئت لقلت أن أنمساً رفعه إلى النبي , ورواه ابن ماجة من طريق ابن إسحاق عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال : قال رسول الله ( للثيب ثلاثاً وللبكر سبعاً )[91] .
وعن أم سلمة أن رسول الله لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثاً وقال ( ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت لك وإن سبعت لك سبعت لنسائي ) رواه مسلم وفي لفظ ( وإن شئت ثلثت ثم درت ) وفي لفظ ( وإن شئت زدتك ثم حاسبتكِ به للبكر سبعاً وللثيبِ سبعاً )[92].
وبعد هذا العرض لمذاهب الفقهاء يتبين لنا أن الزوجة الجديدة تستحق زيادة في القسم على الرأي الأول ورأي الجمهور وإنها لا تستحق زيادة على رأي الحنفية ومن وافقهم , والذي أراه راجحاً هو ما ذهب إليه الجمهور والله أعلم .
المطلب الثالث: عماد القسم الليل
ومن الأسس الشرعية المعتمدة في القسم كون عماده الليل ويكون النهار تبعاً ولا خلاف في هذا بين الفقهاء , وذلك لأن الليل للسكن والإيواء يأوي فيه الإنسان إلى منزله ويسكن إلى أهله وينام في فراشه عادةً , والنهار للمعاش والخروج والتكسب والاشتغال .
قال الله وجعل الليل سكناً [93] .
وقال وجعلنا الليل لباساً والنهار معاشا [94] وقال ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون [95] .
فعلى هذا يقسم الرجل بين زوجاته ليلة وليلة , ويكون النهار في معاشه وقضاء حقوق الناس وما شاء مما يباح له هذا لمن كان معاشه بالنهار وسكنه بالليل و أما إذا كان معاشه بالليل – كالحراس وممن أشبههم – ككونه وقاد حمامٍ فغنه يقسم بين نسائه بالنهار ويكون الليل في حقه كالنهار في حق غيره[96] .
المسألة الأولى: النهار تابع لليل في القسم
والنهار يدخل في القسم تبعاً لليل , بدليل ما روي أن سودة رضي الله عنها وهبت يومها لعائشة رضي الله عنها في الحديث المتفق عليه[97] .
وقالت عائشة رضي الله عنها : ( قبض رسول الله في بيتي في يومي ) .
وإنما قبض النبي نهاراً ويتبع اليوم الليلة الماضية لأن النهار تابع الليل .
ولهذا يكون أول الشهر ليلاً .
ويجوز له أن يجعل النهار مضافاً إلى الليل الذي يعقبه لأن ذلك لا يتفاوت[98] .
ولم أجد خلافاً في هذا بين الفقهاء والله أعلم .
المسألة الثانية: خروجه في نوبة صاحبة الحق
فإن خرج من عند بعض نسائه في زمانها فإن كان ذلك في النهار أو أول الليل أو آخره الذي جرت العادة بالانتشار فيه والخروج إلى الصلاة جاز , فإن المسلمين يخرجون لصلاة العشاء ولصلاة الفجر قبل طلوعه , وأما النهار فهو للمعاش و الانتشار , وإن خرج في غير ذلك ولم يلبث أن عاد لم يقض لها لأنه لا فائدة في قضاء ذلك, وإن أقام قضاه لها سواء كانت إقامته لعذر من شغل أو حبس أو غير عذر لأن حقها فات بغيبته عنها , وإن أحب أن يجعل قضائه لذلك غيبته عن الأخرى مثل ما غاب عن هذه جاز لأن التسوية تحصل بذلك , ولأنه إذا جاز له ترك ليلة بكمالها في حق كل واحدة منهما فبعضها أولى , ويستحب أن يقضي لها في مثل ذلك الوقت لأنه أبلغ في المماثلة[99] .
المسألة الثالثة: الدخول في ليلة الأولى إلى الثانية
وأما الدخول على ضرتها في زمنها فإن كان ليلاً لم يجز إلاّ لضرورة مثل أن تكون في سكرات الموت واللحظات الأخيرة وتريد أن يحضرها أو توصي إليه أو ما لابد منه فإن فعل ذلك ولم يلبث أن خرج لم يقض وإن أقام وبرأت المرأة المريضة قضى للأخرى من ليلتها بقدر ما أقام عندها , وإن خرج لحاجة غير ضرورية أثم والحكم في القضاء كما لو دخل لضرورة لأنه لا فائدة في قضاء اليسير , وإن دخل عليها فجامعها في زمن يسير ففيه وجهان :
الوجه الأول: لا يلزمه قضائه لأن الوطء لا يستحق في القسم والزمن يسير لا يقضى والثاني : يلزمه القضاء وعليه أن يدخل إلى زوجته التي أخذ من حقها في ليلة الأخرى ويجامعها[100]
المطلب الرابع: القسم في المقدور
لا خلاف بين الفقهاء في وجوب العدل على الزوج بين نسائه فيما يقدر عليه من المأكول والملبوس والسكنى والبيتوتة والنفقة إذا كن في درجة واحدة من الغنى والفقر , فإن اختلفنَ في ذلك فمن يقول : إن النفقة معتبرة بحال الزوج كان الحكم كذلك عنده .
ومن يقول بأنها واجبة حسب حالها فلا يلزمه التسوية بينهن في النفقة لزيادة نفقة الغنية على نفقة المتوسطة والفقيرة[101] على ما سنبينه في موضعه .
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله يقسم فيعدل فيقول : اللهم هذا قسمي فيما أملك , فلا تلمني فيما تملك ولا أملك )[102] يعني القلب وزيادة المحبة وإنما وجب القسم والعدل بينهن لقوله فإن خفتم ألاّ تعدلوا واحدة [103] .
فإنه أمر بالاقتصار على الواحدة عند خوف الجور فيعلم إيجاب العدل عند تعددهن حملاً للأمر على الوجوب ولقوله ( من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطاً أو مائلاً )[104] .
أما غير المقدور عليه كالميل القلبي وزيادة المحبة فلا خلاف بين العلماء في عدم وجوبه لحديث عائشة .
ومما ألحق بالقلب الجماع لأنه يعتمد على النشاط والمحبة القلبية فقد نقل ابن قدامة الإجماع وعدم الخلاف في عدم وجوب العدل فيه وإنما يترك له وهو مخير فيه فقال ( لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في أنه لا تجب التسوية بين النساء في الجماع … وذلك لأن الجماع طريقة الشهوة والميل ولا سبيل إلى التسوية بينهن في ذلك فإن قلبه قد يميل إلى إحداهما دون الأخرى .
قال الله ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم [105])[106] وقال بعض العلماء في هذا تفصيل وهو أنه إن تركه لعدم الداعي إليه وعدم الانتشار فهو معذور , وإن تركه مع الداعي إليه قاصداً الإضرار بزوجته فهذا مما يدخل تحت قدرته وملكه , فإن أدى الواجب عليه منه لم يبق لها حق ولم يلزمه التسوية , وإن ترك الواجب منه فلها المطالبة به[107] .
المطلب الخامس: الإقامة
ومن الأسس الشرعية المعتمدة في القسم بين الزوجات الإقامة فلا يوجد خلاف بين الفقهاء في أن العدل والقسم بين الزوجات واجب على الرجل حال حضوره في بلده وفي هذا مسألتان :
المسألة الأولى: المدة التي يقسمها بين أزواجه
ويقسم بين نسائه ليلة ليلة , فإن أحب الزيادة على ذلك فعلى ثلاثة مذاهب :
المذهب الأول: لا يجوز له الزيادة على ذلك إلاّ برضاهن وإليه ذهب مالك وأحمد وبعض الشافعية[108] .
المذهب الثاني : له أن يقسم ليلتين ليلتين و ثلاثاً ثلاثاً ولا تجوز الزيادة إلا برضاهن وإليه ذهب الشافعي [109].
المذهب الثالث: له الخيار في ذلك فإن شاء جعل الدور بينهن يوماً أو يومين أو أكثر لأن المستحق عليه التسوية وقد وجبت وبذلك قال الحنفية [110] .
واستدل المانعون بفعل النبي فقد كان يقسم لنسائه ليلة ليلة , وكذلك لأن التسوية واجبة وإنما جوزت البداءة بواحدة لتعذر الجمع فإذا بات عند واحدة ليلة تعينت الليلة الثانية حقاً للأخرى فلم يجز جعلها للأولى بغير رضاها , ولأنه تأخير لحقوق بعضهن فلم يجز بغير رضاهن كالزيادة على الثلاث فإذا كان له أربع نسوة فجعل لكل واحدة ثلاثاً حصل تأخير في تسع ليال وذلك كثير ولأن للتأخير آفات فلا يجوز مع إمكان التعجيل بغير رضا المستحق [111].
المسألة الثانية : إذا كانت زوجتاه في بلدين
إذا كانت زوجتاه في بلدين فعليه العدل بينهما لأنه اختار المباعدة بينهما فلا يسقط حقهما عنه بذلك , فأما أن يمضي إلى الغائبة في أيامها وأما أن يقدمها إليه ويجمع بينهما في بلد واحد فإن امتنعت من القدوم مع الإمكان سقط حقها لنشوزها . وإن أحب القسم بينهما في بلديهما فلا يمكن أن يقسم ليلة ليلة بل يجعل المدة بحسب ما يمكن كشهر وشهر أو أكثر أو أقل , على حسب ما يمكنه وحسب تقارب البلدين وتباعدهما [112].
المطلب السادس: الحرية
ومن الأسس الشرعية المعتمدة في القسم على الوجه الذي سبق الحرية .
فلو كان للرجل زوجتان إحداهما حرة والأخرى أمة فالحرة تختلف في حقها عن الأمة على خلاف بين العلماء .
وذلك من باب كون الحرية معتبرة في القسم أو لا .
المذهب الأول : إن للحرة مثلي ما للأمة في المبيت والنفقة يعني أن لها يومين وللأمة يوماً واحداً .
وبهذا قال علي بن أبي طالب وسليمان بن يسار والزهري ومسروق والشعبي والنخعي والحسن وعطاء وسعيد بن جبير والثوري الأوزاعي وإسحاق وأبو عبيد وعثمان البتي.
وإليه ذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد ومالك في رواية[113] .
المذهب الثاني: وخالف جماعة من الفقهاء فقالوا بوجوب التسوية بين الحرة والأمة وبذلك قال ربيعة والليث وداود وابن حزم وهو رواية عن مالك[114].
واستدل أصحاب المذهب الأول لما ذهبوا إليه بالأثر المروي عن علي قال ( إذا نكحت الحرة على الأمة فلهذه الثلثان ولهذه الثلث , إن الأمة لا ينبغي لها أن تزوج على الحرة )[115].
وبعد هذا يتبين أن المسألة لم يثبت فيها اثر قوي ولكن الرأي الأليق والأجدر بالأخذ هو ما ذهب إليه جماهير العلماء والله أعلم .
وهناك مسألة تابعة لما مضى وهي :
فيما إذا أعتقت الأمة المزوجة بعد ذلك فأصحاب المذهب الثاني لا كلام لهم في هذه المسألة لأنهم جعلوها مساوية للحرة في القسم .
أما أصحاب المذهب الأول فقد قالوا إذا أعتقت في أثناء مدتها أضاف إلى ليلتها ليلة أخرى , لتساوي الحرة .
إلا أن الشافعية قيدوا المسألة بكونها قبل تمام الليلة فإذا حصل العتق في النهار فلا , وإن كان بعد انقضاء مدتها استؤنف القسم متساوياً , ولم يقض لها ما مضى لأن الحرية حصلت بعد استيفاء حقها , وإن أعتقت قسم للحرة ليلة لم يزدها على ذلك نهما تساويتا فيسوي بينهما[116] .
المبحث الثالث
الأحكام[117]الشرعية المترتبة على القسم
تترتب على مشروعية القسم بين الزوجات أحكام بصفات مختلفة منها ما هو بصفة الوجوب ومنها ما هو بصفة الندب أو التحريم أو الإباحة .
فسأتناولها في أربعة مطالب:
المطلب الأول : الأحكام الشرعية المترتبة بصفة الوجوب
المطلب الثاني: الأحكام المترتبة بصفة الندب
المطلب الثالث: الأحكام المترتبة بصفة التحريم
المطلب الرابع: الأحكام المترتبة بصفة الإباحة
المطلب الأول:الأحكام المترتبة بصفة الوجوب
هناك أعمال تندرج تحت موضوع القسم لها صفة الوجوب وفيما يأتي بيان ذلك وقد جعلتها على شكل مسائل .
قال ابن قدامة ” لا نعلم بين أهل العلم في وجوب التسوية بين الزوجات في القسم خلافاً وقد قال وعاشروهن بالمعروف [118] وليس مع الميل معروف وقال فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة [119] وروى أبو هريرة قال: قال رسول الله ( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل )[120] وعن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله يقسم بيننا فيعدل ثم يقول ( اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك )[121].[122]
المسألة الثانية: وجوب التسوية بالنفقة
يرى بعض الفقهاء أن الواجب على الزوج أن يسوي بين زوجاته في النفقة لقدرته على ذلك ودفعاً للظلم والجور وعدم العدل الذي نهت عنه الآيات الكريمة ونهت عنه الأحاديث الشريفة وفيما يأتي بسط الكلام في مسألة النفقة لنتعرف على سبب الخلاف بين الفقهاء .
النفقة : اتفقت كلمة جماهير العلماء وجوب نفقة الزوجة أو الزوجات على الرجل[123]قال المقدسي .
(يجب على الرجل نفقة زوجته وكسوتها بالمعروف إذا سلمت نفسها إليه ومكنته من الاستمتاع بها لما روى جابر أن رسول الله قال” اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم
أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف “[124] فإن امتنعت من تسليم نفسها كما يجب عليها أو مكنت من استمتاع دون استمتاع أو في منزل دون منزل أو في بلدٍ دون بلد ولم تكن شرطت دارها وبلدها فلا …. نفقة)[125] .
ولكنهم اختلفوا في مقدار هذه النفقة وهل أن المعتبر بها حال الزوج أو حال الزوجة أو حالهما إلى مذاهب .
المذهب الأول: النفقة تكون بحسب حالهما أي الزوجين فإن كانا موسرين فلها عليه نفقة الموسرين وإن كانا معسرين فلها عليه نفقة المعسرين وإن كانا متوسطين فلها عليه نفقة المتوسطين وإن كان أحدهما موسراً والآخر معسراً فلها عليه نفقة المتوسطين أيهما كان الموسر وممن قال بذلك الحنابلة[126] وهو رواية عن أبي حنيفة اختارها الخصاف [127] وهو رواية عن الإمام مالك[128] .
المذهب الثاني: إن النفقة تكون بحسب حال الزوج وحده وممن قال بهذا الإمام الشافعي[129] وهو رواية عن أبي حنيفة اختارها الكرخي[130] وقالت بذلك العترة[131] .
المذهب الثالث: تكون النفقة بحسب حال الزوجة وممن قال بهذا بعض الحنفية ومالك[132].
أدلة المذاهب:
استدل أصحاب المذهب الثاني وهم الشافعي ومن وافقه بقوله
لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما أتاها [133].
واستدل الفريق الثالث وهم بعض الحنفية ومالك بقوله وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف [134] وقالوا المعروف هو الكفاية ولأنه سوى بين النفقة والكسوة , والكسوة على قدر حالها فكذلك النفقة , وقال النبي لهند زوجة أبي سفيان ” خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف” [135] فاعتبر كفايتها دون حال الزوج ولأن نفقتها واجبة لدفع حاجتها فكان الاعتبار بما تندفع به حاجتها .. أما الحنابلة فقالوا بالجمع بين الأدلة والأخذ بحاليهما معاً[136] فعلى المذهب القائل النفقة بحسب حال الزوج يجب التسوية بين الزوجات في ذلك وعلى المذهب القائل النفقة تكون بحسب حال الزوجة فلا تجب التسوية لأن الزوجات تختلف أحوالهن . وكذا المذهب القائل إن النفقة تكون بحسب حالهما .
أما بالنسبة لمقدار النفقة فقد اختلف الفقهاء فيها إلى مذهبين :
المذهب الأول: قالوا بأن النفقة مقدرة بنفسها فهي على الزوج الموسر “مدان ” من الطعام في كل يوم وعلى المعسر “مدٌ واحد ” وعلى المتوسط ” مد ونصف ” وهذا قول الشافعية والواجب عندهم في جنس الطعام الذي فيه المقادير هو غالب قوت البلد . من حنطة وشعير وغيرها فإن اختلف قوت البلد ولا غلب فيه أو اختلف الغالب وجب ما هو اللائق والمناسب بالزوج[137] .
المذهب الثاني: وذهب أصحاب هذا المذهب إلى أن نفقة الزوجة على زوجها مقدرة بكفايتها وعلى هذا فإن مقدارها يختلف باختلاف من تجب له النفقة . وبهذا قال الحنفية ومالك والحنابلة والظاهرية[138].
أدلة الفريقين :
أدلة الفريق الأول :
ذهب أصحاب الرأي الأول إلى الاستدلال لمذهبهم بقوله لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله [139] وجه الدلالة بهذه الآية أن الشرع فرق بين الموسر والمعسر وأوجب على كل واحد منها على قدر حاله ولم يبين المقدار فوجب تقديره بالاجتهاد وأشبه ما تقاس عليه هو الإطعام في الكفارة لأنه يجب في الشرع لسد الجوعة[140] .
واحتجوا أيضاً لمذهبهم بأن النفقة مقدرة بنفسها لا بكفاية الزوجة لأن الاعتبار بكفايتها لا سبيل للقاضي إلى علمه ولا لغيره فيؤدي إلى الخصومة لأن الزوج يزعم أنها تريد فوق كفايتها وهي تزعم أن الذي تطلبه قدر كفايتها فجعلها مقدرة بنفسها بقطع الخصومة بين الزوجين[141] .
أما أدلة الفريق الثاني :
أ- استدلوا بقوله وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف [142] وقد أوجب الله النفقة مطلقاً غير مقيدة بالتقدير وسماها بالرزق .
ب- استدلوا بحديث هند المتقدم الذي قال فيه ( خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك وولدك بالمعروف ) وهذا نص في الموضوع فالحديث نص على الكفاية فدل على أن نفقة الزوجة مقدرة بكفايتها .
وهناك أدلة أخرى تركتها لأن ما ذكرته فيه الكفاية .
والراجح في هذه المسألة هو ما ذهب إليه الجمهور وهو أن نفقة المرأة مقدرة بكفايتها وقد اعترف بعض فقهاء الشافعية بأرجحية ما ذهب إليه الجمهور فقد قال الشربيني شارح المنهاج
( وقيل إن نفقة الزوجة منوطة بالكفاية كنفقة القريب لظاهر قوله لهند: خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك وولدك بالمعروف )[143] .
وقال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث ( وهذا الحديث يرد على أصحابنا )[144] أي الشافعية في تقديرهم نفقة الزوجة بالإمداد .
المسألة الثالثة: وجوب التسوية بين الزوجات في الكسوة
اختلف العلماء في وجوب تسوية الرجل بين نسائه في الكسوة على مذهبين :
المذهب الأول : قالوا يجب على الرجل أن يسوي بين نسائه في الكسوة تبعاً لما قالوه في مسألة النفقة وممن قال بهذا الإمام أبو حنيفة ومن وافقه فقد قالوا ” وعليه العدل بينهن في حقوقهن من القسم والنفقة والكسوة وهو التسوية بينهن في ذلك حتى لو كانت تحته امرأتان حرتان أو أمتان يجب عليه أن يعدل بينهما في المأكول والمشروب والسكنى والبيتوتة “[145] .
المذهب الثاني : قالوا ليس عليه التسوية بين نسائه في النفقة والكسوة إذا قام بالواجب لكل واحدة منهن وممن قال بهذا الإمام الشافعي وأحمد[146] قال أحمد في الرجل له امرأتان: ( له أن بفضل إحداهما على الأخرى في النفقة والشهوات والكسوة إذا كانت الأخرى في كفاية ويشتري لهذه أرفع من ثوب هذه وتكون تلك في كفاية وهذا لأن التسوية في هذا كله تشق فلو وجب لم يمكنه القيام به إلا بحرج فسقط وجوبه كالتسوية في الوطء)[147] .
المسألة الرابعة : وجوب التسوية بين الزوجات في المسكن
اختلف العلماء في وجوب تسوية الرجل بين نسائه في المسكن على مذهبين :
والكلام فيها هو نفس الكلام في مسألة الكسوة و لا حاجة لإعادته لعدم الفائدة من ذلك .
المطلب الثاني: الأحكام المترتبة بصفة الندب
هناك أعمال تندرج تحت موضوع القسم لها صفة الإباحة وفيما يأتي بيان ذلك في مسائل :
المسألة الأولى: التسوية بين الزوجات في الجماع
فلا يجب على الرجل أن يسوي بين نسائه في الجماع ونقل ابن قدامة الإجماع على ذلك بقوله ” لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في أنه لا تجب التسوية بين النساء في الجماع وهو مذهب مالك والشافعي وذلك لأن الجماع طريقة الشهوة والميل ولا سبيل إلى التسوية بينهن في ذلك فإن قلبه قد يميل إلى إحداهما دون الأخرى قال الله ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم [148] قال عبيدة السلماني في الحب والجماع “[149] .
ولكن يستحب للرجل أن يسوي بين نسائه في ذلك إن وجد القدرة والميل لأنه من كمال العدل فقد قال أيضاً ( وإن أمكنت التسوية بينهما في الجماع كان أحسن وأولى فإنه أبلغ في العدل )[150].
المسألة الثانية:التسوية بين الزوجات في النفقة والكسوة والمسكن
أما بالنسبة للتسوية في هذه الأمور بين الزوجات فقد حصل خلاف بين العلماء على مذهبين :
المذهب الأول: يستحب التسوية ولا تجب ذهب إليه الشافعي وأحمد .
المذهب الثاني: يجب على الرجل التسوية بين نسائه في النفقة والكسوة والمسكن وإليه ذهب أبو حنيفة وقد مر الكلام في هذه المسألة في المطلب السابق .
المسألة الثالثة: استحباب القرعة في ابتداء القسم والسفر
ويستحب للرجل أن يقرع بين نسائه في بداية القسم وفي السفر ولا يجب عليه عند من لم يوجبها وهم الأحناف والمالكية خلافاً للشافعي وأحمد فقد أوجبوا ذلك وقد مر الكلام عليها في كلامنا في القرعة فارجع إليه .
المطلب الثالث: الأحكام المترتبة بصفة التحريم
هناك بعض الأعمال التي تندرج في موضوع القسم ولها صفة التحريم وفيما يأتي سرد لهذه الأعمال جاعلاً إياها على شكل مسائل .
المسألة الأولى: يحرم على الرجل الدخول إلى بيت الثانية ليلاً لغير حاجة
يحرم على الرجل الدخول إلى بيت الثانية ليلاً إلا لضرورة مثل أن يكون منزولاً بها فيريد أن يحضرها أو توصي إليه أو ما لا بد منه … وإن خرج لغير حاجة ضرورية أثم ويقضي للأولى إن كان الزمن طويلاً .
وبهذا قالت الشافعية والمالكية والحنابلة[151]
وذلك لما روت السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ( كان رسول الله ما من يوم إلا وهو يطوف علينا جميعاً امرأة فيدنو ويلمس من غير مسيس حتى يقضي إلى التي هو يومها فيبيت عندها ) , وفي لفظ ( من غير وقاع )[152] .
المسألة الثانية: ترك الجماع لإحدى نسائه بقصد الإضرار
يحرم على الرجل أن يترك الجماع لإحدى زوجتيه قاصداً بذلك الإضرار بها مع وجود القدرة على ذلك والدافع له أو قاصداً توفير اللذة للزوجة الأخرى[153] قالت به المالكية .
المسألة الثالثة: يحرم الابتداء بواحدة من نسائه أو السفر بإحداهن بغير قرعة
اختلف العلماء في هذا إلى مذهبين :
المذهب الأول: يقول يحرم الابتداء بواحدة من نسائه أو السفر بإحداهن بغير قرعة وبهذا قالت الشافعية والحنابلة [154] .
المذهب الثاني : يقول بعدم التحريم لأن الزوج غير ملزم بذلك بل يستحب له القرعة ولا يحب وبه قال أبو حنيفة ومالك [155] وقد سبق الكلام .
المسألة الرابعة: تحريم جمع الضرتين في مسكن واحد
ويحرم إن يجمع ولو ليلة واحدة بين ضرتين فأكثر في مسكن واحد لما بينهما من التباغض إلا برضاهما فيجوز الجمع بينهما لأن الحق لهما ولو رجع بعد الرضا كان لهما.. ولا فرق في ذلك بين كونه صغيراً أو كبيراً وكذلك يحرم وأن رضيتا أن يجامع واحدة بحيث تراه الأخرى لأن فيه دناءة وسخفاً وسقوط مروءة فلم يبح برضاهما.
والى هذا ذهب الشافعية والحنابلة [156].
المسألة الخامسة : تحريم إقامة الزوج بمسكن واحدة منهن ودعوة البواقي إليه .
ويحرم أن يقيم الزوج بمسكن واحدة منهن ويدعوهن إي من بقي منهن إليه لأن إتيان بيت الضرة شاق على النفس ولا يلزمهن الإجابة فأن اجبن فلصاحبة البيت المنع .
وبهذا قال الشافعية [157].
المطلب الرابع: الأحكام المرتبة بصفة الإباحة
ذكر العلماء بعض الأمور التي تتعلق بالقسم ولها صفة الإباحة وفيما يأتي بيان ذلك في مسائل .
المسألة الأولى: جواز هبة المرأة حقها من القسم
اتفق العلماء على جواز تنازل المرأة عن حقها في القسم وهبتها إياه لزوجها أو لضرتها أو لواحدة منهن بشرط موافقة الزوج [158] وذلك لحديث عائشة المتفق عليه” أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة وكان النبي يقسم لعائشة يومها ويوم سودة “[159] وسيأتي الكلام عن هبة الزوجة حقها من القسم في المبحث الرابع مفصلاً أن شاء الله .
المسألة الثانية: جواز الزيادة في القسم على ليلة واحدة
وعلى الرجل أن يقسم لنسائه ليلة ليلة وهذا قد حصل عليه الاتفاق ولكن حصل الخلاف في الزيادة على ذلك إلى ثلاثة مذاهب .
المذهب الأول: لا تجوز الزيادة إلا برضاهن والى هذا ذهب الحنابلة إلا القاضي منهم[160] ومذهب المالكية [161] ومذهب بعض الشافعية [162].
المذهب الثاني: تجوز الزيادة إلى الثلاثة وبعد لا تجوز الزيادة إلا برضاهن فيجوز له إن يقسم ليلة ليلة أو ليلتين ليلتين أو ثلاثاً ثلاثاً ولا تجوز الزيادة على ذلك بغير رضاهن وهذا مذهب الشافعي والقاضي من الحنابلة[163].
المذهب الثالث: له الخيار في ذلك فأن شاء جعل بينهن يوماً أو يومان أو أكثر وبذلك قال الحنيفة[164].
والحجة للأول فعل النبي إنما كان يقسم ليلة ليلة ولأنه التسوية واجبة وإنما جوزت البداءة بواحدةٍ لتعذر الجمع . ولأنه تأخير لحقوق بعضهن فلم يجوز بغير رضاهن كالزيادة على الثلاثة[165] .
المسألة الثالثة: جواز دعوة الزوجة إلى بيته أن كان منفرداً
إذا كان الزوج لا يملك بيتاً منفرداً فلا خلاف في وجوب ذهابه إليهن وأن كان في بيت منفرداً فله دعوتهن إليه وأن كان الأولى أن يطوف عليهن اقتداء برسول وذلك لأن للرجل نقل زوجته حيث يشاء فإذا دعاها فرفضت فناشز[166] ولكن حصل خلاف في جواز دعوة بعضهن إليه وذهابه إلى الأخريات على مذهبين :
المذهب الأول :جواز ذلك لأن له إن يسكن كل واحدة منهم حيث شاء وممن قال بهذا الحنابلة وبعض الشافعية[167].
المذهب الثاني:عدم جواز ذلك لما فيه من الوحشة ولما فيه من تفضيل بعضهن على بعض وترك العدل واليه ذهب الشافعية في الصحيح من مذهبهم[168]
المبحث الرابع
مسقطات القسم
لقد ذكر الفقهاء بعض الأمور التي جعلوها مسقطةً للقسم الواجب على الزوج لزوجاته وقد ذكرتها في هذا المبحث علي خمسة مطالب :
المطلب الأول: نشوز المرأة
المطلب الثاني: السفر
المطلب الثالث: هبة المرأة حقها من القسم
المطلب الرابع: ردة المرأة
المطلب الخامس : طلاق المرأة
المطلب الأول : نشوز المرأة
في اللغة: النشوز من نشز أي ارتفع وهو من باب ضرب
ويقال نشزت المرأة أي استعصت على بعلها وأبغضته [169]
وفي الاصطلاح النشوز هو الخروج عن الطاعة [170]
وقيل هو عصيانها عن القيام بما له عليها من حق [171]
لا أعلم خلافاً بين العلماء في أن المرأة الناشز لا تستحق القسم ولهذا يسقط ما لها على الرجل من حق من نفقة وكسوة[172] لقوله واللاتي تخافون نشوزهن فعضوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيرا [173] ولكن أقوالهم تباينت فيما تعد به المرأة ناشزاً .
فالمالكية عدوا النشوز هو خروجا لزوجة عن طاعة زوجها وذلك بمنعه من وطئها والاستمتاع بها أو خروجها بغير إذنه .
وقد عدوا كذلك تركها حقوق الله كغسل جنابة وصلاة , وصيام رمضان[174] أما الحنابلة فقد زادوا على هذا عصيانها له فيما يأمر وجعلوا من أمارات ذلك تثاقلها في طاعته ولا تصير إليه إلا بتكره ودمدمة[175].
وأما الشافعية فقالوا مثل هذا ولكنهم لم يعدوا الشتم ومطلق الإيذاء باللسان من النشوز ولكنها تستحق عليه الإثم والتأديب[176].
المطلب الثاني: السفر
ومن مسقطات القسم السفر . وينقسم الكلام في قضية السفر إلى مسألتين:
المسألة الأولى : سفر الرجل
إذا سافر الرجل ولم يأخذ واحدة من نسائه معه فلا قسم لهن عليه ولا خلاف في ذلك بين الفقهاء .
وكذلك إذا سافر بهن جميعاً فلا خلاف بين الفقهاء في وجوب العدل والقسمة لهن عليه في حالة السفر بما يستطيعه .
أما إذا سافر الرجل بإحدى زوجاته فقد اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة مذاهب .
المذهب الأول: أنه لا قسم للبواقي ولا يقضي لهن سواء اقرع أو لم يقرع وبه قال أبو حنيفة ومالك .
المذهب الثاني : إن القسم لا يسقط عنه فيجب عليه القضاء للبواقي أقرع أو لم يقرع وهذا مذهب أهل الظاهر .
المذهب الثالث: أنه إن أقرع لم يقض , وإن لم يقرع قضى وهذا مذهب الشافعي وأحمد …[177]
هذا بالنسبة للسفر الطويل الذي تقصر فيه الصلاة أما إذا كان سفراً قصيراً فالقول فيه كالسابق ولكن بعض الشافعية والقاضي من الحنابلة قالوا بالقضاء في السفر القصير وذلك لأنه في حكم الإقامة [178].
المسألة الثانية: سفر المرأة
والكلام في قضية سفر المرأة لا يخلوا ن يكون واحداً من هذه الوجوه :
الوجه الأول: إذا سافرت المرأة لحاجتها فإن كان ذلك بغير إذنه فناشز ولا خلاف في ذلك بين الفقهاء[179]. وعندها يسقط حقها من القسم .
الوجه الثاني : وإذا سافرت لحاجتها بإذن زوجها أو لقربه كزيارة أو حج تطوع أو عمرة ففي ذلك أقوال :
1- الذين قالوا بسقوط القسم في السفر بقرعةٍ أو بغيرها لم يوجبوا لها القسم وهم الأحناف والمالكية .
2- وأهل الظاهر أوجبوا القسم على الرجل إذا سافر مطلقاً فمن الأولى عندهم إذا سافرت هي بإذنه .
3- القائلون بوجوب القضاء على الرجل عند سفره بواحدةٍ منهن بغير قرعة تعددت أقوالهم في هذه المسألة .
فالحنابلة قالوا بسقوط حقها من القسم ولا يقضي لها . ذكر ذلك ألخرقي وقال أبو الخطاب في ذلك وجهان .
أما الشافعية فقد افترقوا في ذلك إلى فريقين تبعاً لإمامهم فقد ورد عن الشافعي في هذه المسألة قولان القديم قال فيه بعدم سقوط الحق والجديد قال فيه بسقوط حقها[180].
الوجه الثالث: سفر المرأة في حاجة زوجها , فلا خلاف بين العلماء في أنها تستحق القسم ويقضي لها ما فاتها أثناء سفرها لأنها لم تفت عليه التمكين ولا فات من جهتها وإنما حصل بتفويته فلم يسقط حقها[181] .
المطلب الثالث: هبة المرأة حقها من القََسمِِ
اتفق العلماء على جواز تنازل المرأة عن حقها في القسم وهبتها إياه لزوجها أو لضراتها أو لواحدةٍ منهن بشرط موافقة الزوج لأن حقه بالاستمتاع بها لا يسقط إلا برضاه[182]. وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها المتفق عليه (( أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة وكان النبي يقسم لعائشة يومها ويوم سودة ))[183]وذلك جائز في بعض الزمان .
وفي جميعه فقد وهبت سودة حقها في جميع الزمان كما ورد عن صفية أنها وهبت لعائشة ليلة واحدة روى ابن ماجة عن عائشة (( أن رسول الله وجد على صفية بنت حيي في شيء فقالت صفية لعائشة هل لك أن ترضي عني رسول الله و لك يومي ؟ فأخذت خماراً مصبوغاً بزعفران فرشته ليفوح ريحه ثم اختمرت به وقعدت إلى جنب النبي فقال رسول الله ” إليك عني عائشة أنه ليس يومك ” قالت ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء فأخبرته بالأمر فرضي عنها ))[184] .
وكان ذلك مخصوصاً بيوم واحد فقط فندها جاز في بعض الزمان وفي جميعه واتفقوا على أن الواهبة لها حق الرجوع في هبتها متى شاءت ولكن في المستقبل لأنها هبة لم تقبض وليس لها الرجوع فيما مضى لأنه بمنزلة المقبوض ولو رجعت في بعض الليل كان على الزوج أن ينتقل إليها فإن لم يعلم حتى أتم الليلة لم يقض لها شيئاً لأن التفريط منها [185] .
ولكن اختلفوا في جواز هبة المرأة حقها لضرتها بعوض إن كان العوض مالاً فالجمهور على عدم جوازه لأن حقها في كون الزوج عندها وليس ذلك بمالٍ فلا يجوز مقابلته بمالٍ فإذا أخذت عليه مالاً لزمه رده وعليه أن يقضي لها لأنها تركته بشرط العوض ولم يسلم لها .
وإن كان عوضها غير المال مثل إرضاء زوجها أو غيره عنها جاز فإن عائشة أرضت رسول الله عن صفية وأخذت يومها وأخبرت بذلك رسول الله فلم ينكره.
ونقل عن الإمام سعيد بن المسيب القول بجواز ذلك وقد وافق ربيعة ومالك الإمام سعيد على قوله[186].
واختلفوا في ترتيب الليلة الموهبة للمرأة الموهوب لها على أقوالٍ .
أ- فالمشهور من مذهب الشافعي ومذهب أحمد إذا اتفق كون ليلة الواهبة تلي ليلة الموهوبة قسم لها ليلتين متواليتين وإن كانت لا تليها فيقسم لها ليلتين ولكن كل في زمنها ولا يحق له تقديمها وجعلها متواليتين[187].
ب- وذهب بعض الشافعية وبعض الحنابلة إلى أن له الحق في جمع الليلتين تقديماً أو تأخيراً[188].
ج- وذهب ابن الرفعة وابن النقيب من الشافعية إلى جواز الموالاة مقيدةً بكونها متقدمة فأراد تأخيرها وكذا لو تأخرت فأخر ليلة الموهوب لها برضاها[189].
والراجح والله أعلم الأول وذلك لأن فيه تأخير حق من بين الليلتين وربما رجعت الواهبة قبل أن يدخل في ليلتها فتتقدم على الأخريات وليس ذلك بحقها هذا ولم أجد كلاماً عند فقهاء المذاهب الأخرى في هذه المسألة .
المطلب الرابع:ردة المرأة
ومن مسقطات القسم ردة المرأة
فقد اجتمعت كلمة العلماء على أن المرأة المرتدة لا قسم لها ولا نفقة[190]. وكذا اجمعوا على فسخ عقد النكاح إلا أنه حكي عن داود الظاهري أنه لا ينفسخ بالردة والدليل لهم قول الله ولا تمسكوا بعصم الكوافر [191].
وقوله فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن [192] .
ولكنهم اختلفوا في أنه هل تتعجل الفرقة أم تكون المرأة عدة بعدها ينفسخ العقد وتكون الفرقة إلى مذهبين .
المذهب الأول: إذا ارتدت المرأة المسلمة فقد انفسخ عقد نكاحها في الحال وعندها فلا قسم لها ولا نفقة فأما القسم فإنه لا يحل له وطؤها لاختلاف الدين قال ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَ [193] .
وأما النفقة فإنما تجب على الزوج عند التمكين وقد أسقطت هي حق التمكين وإلى هذا ذهب أبو حنيفة ومالك وروي عن الحسن وعمر بن عبد العزيز والثوري وزفر وأبي ثور وابن المنذر[194] .
المذهب الثاني: إذا ارتدت المرأة المسلمة لا ينفسخ عقد نكاحها بانقضاء عدتها وهي باقية على ردتها وممن قال بهذا الإمام الشافعي ومن وافقه
أما الإمام أحمد فقد اختلفت الرواية عنه على قولين كالمذهبين السابقين[195] .
المطلب الخامس: طلاق المرأة
ومن مسقطات القسم الطلاق بجميع أنواعه فالمطلقة لا تستحق القسم في عدتها إن كانت معتدة ولكنها تستحق في عدتها النفقة .
فلو راجعها الزوج لم يقض له مدة بقائه مع الأخرى ولكنها إن لم تستوف حقها من القسم قبل الطلاق جازت لها المطالبة به بعد الرجوع يقول ابن قدامة (( فإن قسم لإحداهما ثم طلق الأخرى قبل قسمها أثم لأنه فوت حقها الواجب لها فإن عادت إليه برجعة أو نكاح قضى لها لأنه قدر على إيفاء حقها فلزمه كالمعسر إذا أيسر في الدين ))[196]
الخاتمة
الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات والصلاة والسلام على رسول الله طول الأوقات . وبعد
فلا بد لنا من استراحة علمية نستعيد بها إجمالاً لما فعلناه واستخلاصاً لنتائج ما كتبناه على النحو الآتي :
1- أثبت البحث أهمية التشريع الإسلامي الخاص بإباحة تعدد الزوجات لما فيه من فوائد عظيمة على مستوى الفرد والمجتمع في الأمة الإسلامية .
2- المفهوم الشرعي للقسم بين الزوجات هو المبيت عندهن للصحبة والمؤانسة لا في المجامعة والمحبة , ومشروعيته ثابتة في الكتاب والسنة والإجماع .
3- وضع الشرع الحنيف ضوابط دقيقة لنظام القسم وهي تمثل الأسس التي لا بد منها لكي يستقيم البيت المسلم ويتجنب المخاطر والمزالق عند التطبيق .
4- تترتب على مشروعية القسم بين الزوجات أحكام مختلفة بصفة الوجوب أو الندب أو التحريم أو الإباحة تناولها البحث بالتفصيل لأن في مراعاتها تسديداً للخطوات وإزاحة للغشاوة التي افتعلها أعداء المسلمين للطعن بهذا الدين والتآمر على استقرار حياة المسلمين .
5- للقسم بين الزوجات مسقطات عديدة بحثها فقهاؤنا القدامى والمحدثون وجاء هذا البحث ليوضحها ويضعها أمام الأزواج بأسلوب معاصر وعبارة واضحة نسأل الله أن ينفعنا .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
ملحق
في تراجم بعض الأعلام الفقهية
الواردة في البحث
( إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي )
أبو ثور , وقيل أبو عبد الله , وأبو ثور لقبه ,
كان حنفياً من أصحاب محمد بن الحسن فلما قدم الشافعي بغداد صحبه وأخذ عنه الفقه وتبعه ونشر مذهبه , وكان من رواة المذهب القديم , ولذلك يذكره الشافعية في طبقاتهم ويعدونه من أصحابهم , إلا أنه استقل بعد ذلك بمذهب , فهو مجتهد مطلق , صاحب مذهب فقهي مستقل .
قال فيه أبو حنيفة : إمام من أئمة المسلمين , وعلم من أعلامهم .
ولي قضاء البصرة .
ولد سنة : عشر ومائة .
وتوفي بالبصرة سنة: ثمان وخمسين ومائة .
أنظر ترجمته في –الأعلام 3/78 , طبقات ابن سعد 6/387 .
( سليمان بن يسار )
أبو أيوب , ويقال : أبو عبد الرحمن , ويقال: أبو عبد الله , المدني مولى ميمونة : أم المؤمنين , محدث ثقة , عالم من أعلام التابعين , وفقيه من أجل فقهائهم وهو أحد فقهاء المدنية السبعة .
ولد سنة أربع وثلاثين
قيل أربع وقيل: سبع وعشرين
وتوفي سنة- سبع وقيل: ثلاث وقيل أربع , وقيل تسع ومائة
( عبيدة بن عمرو, ويقال ابن قيس بن عمرو – السلماني )
أبو عمرو , ألمرادي , الكوفي .
أدرك الجاهلية , وأسلم قبل وفاة الرسول بسنتين إلاّ أنه لم يلقه فهو من كبار التابعين , محدث ثقة , وفقيه من كبار أصحاب ابن مسعود وكان يقرن في المرتبة بشريح , بل أن شريحاً كان يسأله إذا أشكل عليه أمر .
قيل إنه توفي سنة اثنتين , أو ثلاث أو أربع وسبعين
إلاّ أن ابن حجر صحح: أنه توفي قبل السبعين بمدة , لأنه قد صح , أن المختار قد صلى عليه , وقد قتل المختار سنة: سبع وستين .
أنظر ترجمته في – الإصابة 3/102 , تهذيب التهذيب 7/85 , الأعلام 4/357 , تذكرة الحفاظ 1/50 .
( عثمان بن مسلم البتي )
أبو عمر البصري
من فقهاء التابعين , صدوق في الحديث , وثقة أكثر العلماء , وقال الذهبي ثقة إمام .
توفي سنة ثلاث وأربعين ومائة
أنظر ترجمته في – تهذيب التهذيب 7/153 , التقريب /261 ميزان الاعتدال 3/59 , طبقات بن سعد 7/257 .
(عطاء بن أبي رباح : أسلم بن صفوان )
أبو محمد , المكي – مفتي مكة ومحدثها , ومن أجل أئمة التابعين وفقهائهم
ولد سنة: أربع – وقيل خمس , وقيل سبع – عشرة ومائة
أنظر ترجمته في : تهذيب التهذيب 7/199 , التقريب 264 تذكرة الحفاظ 1/98 صفة الصفوة 2/211 , حلية الأولياء 3/310
( القاسم بن سلام )
أبو عبيد , البغدادي الهروي –
جبل من جبال العلم , إمام عابد , حجة ثقة , واسع العلم في الفقه وغيره من العلوم
ولي قضاء طرطوس , وألف كتباً كثيرة , منها كتاب الأموال
ولد بهراة سنة , سبع وخمسين ومائة
وتوفي بمكة سنة أربع وقيل: ثلاث –وعشرين ومائتين
أنظر ترجمته في تهذيب التهذيب 8/315 و التقريب /303 , الأعلام 6/10 صفة الصفوة 4/130 , البداية والنهاية 10/291
( محمد بن إبراهيم بن المنذر )
أبو بكر , النيسابوري , نزيل مكة
أحد أعلام هذه الأمة , إمام , مجتهد , حافظ , ورع , بلغ مرتبة الاجتهاد المطلق , ومع ذلك ظل محافظاً على انتسابه للشافعي , لذلك يعده الشافعية من أصحابهم .
ولد سنة: اثنين وأربعين ومائتين .
وتوفي سنة: تسع عشرة وثلاثمائة وقيل ثماني عشرة وثلاثمائة .
أنظر ترجمته في – تذكرة الحفاظ 3/782 , الأعلام 6/184 , ميزان الاعتدال 3/450
( مسروق الأجدع )
أبو عائشة , الهمداني , الوادعي , الكوفي .
ابن أخت عمرو بن معدي كرب الصحابي المشهور .
أدرك عصر الرسول , لكنه لم يلقه , فهو من كبار التابعين , ومن أجل أصحاب ابن مسعود , ثقة في الحديث , فقيه , عابد ورع وإليه انتهت رئاسة العلم في الكوفة وكان يفضل في الفتيا على شريح .
1- أحكام القرآن – الجصاص أبو بكر أحمد بن على الرازي (ت: 370 هـ ) المطبعة البهية المصرية .
2- تفسير القرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار – محمد رشيد رضا ( ت: 1935م ) دار المعرفة – بيروت – لبنان .
3- تفسير القرآن العظيم – الإمام الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي (ت: 774هـ ) الطبعة الأولى – دار الجيل – بيروت .
4- الجامع لأحكام القرآن – لأبي عبد الله محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ( ت: 671 هـ ) الطبعة الأولى – دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان .
5- روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني – لأبي الفضل شهاب الدين السيد محمود الآلوسي البغدادي ( ت: 1270 ) دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان .
6- في ظلال القرآن , سيد قطب ( ت: 1965 م ) الطبعة السابعة – دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان .
2- كتب الحديث
7- زاد المعاد في هدي خير العباد – للإمام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر ألزرعي الدمشقي ( ت: 751 هـ ) – الطبعة الرابعة عشرة مؤسسة الرسالة بيروت – لبنان .
8- سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام – محمد بن إسماعيل الكحلاني ثم الصنعاني المعروف بالأمير ( ت: 1182 هـ ) دار الفكر – بيروت .
9- سنن أبي داود – سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني ( 202 – 275 هـ ) دار الفكر – بيروت – تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد .
10- سنن ابن ماجة – محمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني ( 207 – 275 هـ ) – دار الفكر – بيروت – تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي .
11- سنن الترمذي – محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي ( 209 – 279 ) دار إحياء التراث العربي – بيروت – تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون .
12- سنن النسائي – أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب ( 215 – 303 هـ ) دار الكتب العلمية –بيروت – 1411 – 1991 – الطبعة الأولى – تحقيق: د. عبد الغفار سليمان البنداري , سيد كسروي حسن .
13- شرح صحيح مسلم – للإمام يحيى بن شرف بن مري حسن بن حسين بن عزام النووي ؛ت 676 هـ ) دار الشعب – القاهرة .
14- صحيح البخاري بهامش فتح الباري للإمام محمد بن إسماعيل البخاري ( ت 256 ) دار الريان للتراث – القاهرة .
15- صحيح مسلم بهامش النووي للإمام مسلم بن حجاج القشيري النيسابوري ( ت 261 هـ ) دار الشعب – القاهرة .
16- فتح الباري شرح البخاري الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت 852 ) دار الريان للتراث – القاهرة .
17- المسند للإمام احمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني ( 164 – 241 هـ ) مؤسسة قرطبة – مصر .
18- مصنف عبد الرزاق بن همام أبو بكر الصنعاني ( 126 – 211 ) المكتب الإسلامي – بيروت -1403 – الطبعة الثانية تحقيق: حبيب الرحمن ألأعظمي .
19- نصب الراية لأحاديث الهداية – جمال الدين أبو محمد بن عبد الله بن يوسف الحنفي الزيلعي _ ( ت 5762 ) – دار الحديث – القاهرة .
20- نيل الأوطار شرح منتقى الأخيار من أحاديث سيد الأخيار – محمد بن علي بن محمد الشوكاني ( ت 1255 هـ ) دار الجيل – بيروت .
3- كتب الفقه
أ- الفقه الحنفي
21- الاختيار لتعليل المختار – عبد الله بن محمد بن مودود الموصلي الحنفي – دار المعرفة – بيروت – لبنان .
22- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع – علاء الدين الكاساني ( ت 587 هـ ) الطبعة الثانية لسنة 1982 دار الكتاب العربي – بيروت .
23- فتح باب العناية بشرح النقاية – نور الدين أبو الحسن علي بن سلطان محمد الهروي القاري _ ( ت1014 هـ ) شركة دار الأرقم – بيروت – لبنان .
24- اللباب في شرح الكتاب – عبد الغني الغنيمي الميداني ( ت 428 هـ ) .
25- الهداية شرح بداية المبتدي – برهان الدين أبو الحسن علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الراشدي المرغيناني ( ت593 هـ ) الطبعة الأولى دار الكتب العلمية – بيروت لبنان .
ب-الفقه المالكي
26- جواهر الإكليل شرح مختصر خليل – صالح عبد السميع الآبي الأزهري – دار إحياء الكتب العربية لصاحبها عيسى البابي الحلبي وشركاؤه .
27- القوانين الفقهية – أبو عبد الله محمد ابن احمد بن محمد بن جُزيء – الكلبي – دار الكتاب العربي – بيروت – لبنان .
28- مواهب الجليل لشرح مختصر خليل – محمد بن عبد الرحمن المغربي أبو عبد الله ( ت 954 هـ ) الطبعة الثانية دار الفكر – بيروت .
جـ – الفقه الشافعي
29- إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين بشرح قرة العين – السيد البكر ابن السيد محمد شطة الدمياطي أبو بكر – دار الفكر – بيروت – لبنان .
30- أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ( ت: 204 هـ ) دار المعرفة – بيروت –لبنان .
31- الغاية القصوى في دراية الفتوى – عبد الله بن عمر البيضاوي ( ت: 658 هـ ) دار النصر للطباعة الإسلامية – مصر .
32- فتح المنان شرح زيد ابن رسلان – محمد بن محسن المعروف بالمفتي الآبي ( ت: 1283 هـ ) مؤسسة الكتب الثقافية – مكتبة الجليل الجديد – صنعاء .
33- مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج – محمد الشربيني الخطيب من علماء القرن العاشر الهجري – دار الذخائر للمطبوعات – إيران .
د- الفقه الحنبلي
34- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد – علي بن سليمان المرداوي ( ت: 885 هـ ) تحقيق محمد حامد الفقي – دار إحياء التراث العربي – بيروت .
35- زاد المستنقع – أبو النجا موسى بن أحمد بن سالم المقدسي الحنبلي ( ت: 690 هـ ) تحقيق علي محمد عبد العزيز الهندي – مكتبة النهضة الحديثة – مكة المكرمة .
36- الكافي في فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل – أبو محمد عبد الله بن قدامة المقدسي المحقق زهير الشاويش – المكتب الإسلامي – بيروت .
37- كشاف القناع عن متن الإقناع – منصور بن يونس بن إدريس البهوتي المحقق هلال مصيلحي مصطفى هلال – دار الفكر – بيروت .
38- المبدع في شرح المقنع –إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن مفلح الحنبلي ( ت: 884 هـ ) – المكتب الإسلامي – بيروت .
39- المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل – عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن تيمية الحراني ( ت: 652 هـ ) مكتبة المعارف الرياض .
40- المغني – موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة ( ت: 620 هـ ) دار الفكر – بيروت .
هـ- الفقه الظاهري
41- المحلى ابن حزم – أبو محمد على بن أحمد ( ت: 356 هـ ) المطبعة المنيرية. الطبعة الأولى .
و- فقه الخلاف
42- بداية المجتهد ونهاية المقتصد – أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الأندلسي الشهير بابن رشد ( ت: 595 هـ ) دار الفكر- بيروت .
4- كتب أصول الفقه
43- جمع الجوامع بحاشية البناني – تاج الدين عبد الوهاب ابن السبكي – دار إحياء الكتب العربية – لأصحابها عيسى البابي الحلبي وشركاؤه .
44- الوجيز في أصول الفقه – الدكتور عبد الكريم زيدان – مطبعة سلمان العظمي – بغداد .
5- كتب التاريخ والطبقات والرجال
45- أسد الغابة في معرفة الصحابة – أبن الأثير الجزري أبو الحسن على بن محمد ( ت: 630 هـ ) المطبعة الإسلامية – طهران .
46- الإصابة في تمييز الصحابة – ابن حجر العسقلاني – أحمد بن علي بن محمد ( ت: 582 هـ ) مطبعة دار السعادة – القاهرة .
47- الأعلام – خير الدين الزر كلي – الطبعة الثالثة – بيروت .
48- البداية والنهاية – ابن كثير – أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي ( ت: 774 هـ ) مطبعة السعادة – مصر .
49- تذكرة الحفاظ – الإمام الذهبي ( ت: 748 هـ) دار إحياء التراث العربي – بيروت .
50- تقريب التهذيب – ابن حجر العسقلاني (ت852 هـ) مطبعة دار الكتاب العربي – مصر .
51- تهذيب التهذيب – ابن حجر العسقلاني (ت: 852 هـ ) مطبعة دار المعارف العثمانية – الهند .
52- حلية الأولياء – أبو نعيم الأصبهاني . أحمد بن عبد الله (ت: 430 هـ) مطبعة السعادة – مصر .
53- شذرات الذهب في أخبار من ذهب – أبو الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي ( ت: 1089 هـ) دار المسيرة – بيروت .
54- صفة الصفوة – أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي ( ت: 597 هـ ) مطبعة الأصيل – حلب الطبعة الأولى .
55- الطبقات الكبرى – محمد بن سعد ( ت: 230 هـ ) مطبعة دار صادر بيروت .
56- ميزان الاعتدال في نقد الرجال – الذهبي ( ت: 748 هـ) مطبعة عيسى البابي الحلبي – مصر – الطبعة الأولى .
6- كتب اللغة
57- ترتيب القاموس المحيط – الطاهر أحمد الزاوي – الدار العربية للكتاب – ليبيا .
58- لسان العرب – أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري – دار صادر – بيروت .
59- مختار الصحاح – محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي – دار المعاجم في مكتبة لبنان – بيروت .
7- كتب متنوعة
60- إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين – محمد الحسيني الزبيدي دار الفكر – بيروت .
61- أحكام المرتد في الفكر الإسلامي – رسالة ماجستير – نعمان عبد الرزاق السامرائي – الدار العربية – بيروت – لبنان .
62- الأحوال الشخصية – أستاذنا الدكتور أحمد عبيد الكبيسي مطبعة عصام – بغداد .
63- شرح الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية – محمد زيد الإبيائي مكتبة النهضة – مشتركة بيروت – بغداد .
64- شرح قانون الأحوال الشخصية – أستاذنا الدكتور أحمد عبيد الكبيسي بالاشتراك مطبعة وزارة التعليم العالي – بغداد .
65- العلاقات الجنسية غير الشرعية –رسالة ماجستير – لأستاذنا الدكتور عبد الملك السعدي دار الأنبار – بغداد .
66- فقه الإمام الأوزاعي – رسالة دكتوراه – الدكتور عبد الله الجبوري – مطبعة الإرشاد – بغداد .
67- فقه الإمام سعيد بن المسيب – رسالة دكتوراه – أستاذنا الدكتور هاشم جميل عبد الله مطبعة الإرشاد – بغداد .
68- الفقه الإسلامي وأدلته – الدكتور وهبة الزحيلي دار الفكر – بيروت .
69- مدى صلاحية القرعة لإنشاء الحق وتعيينه في الفقه الإسلامي – أستاذنا الدكتور حمد الكبيسي – بحث منشور في مجلة الرسالة الإسلامية – الصادرة عن وزارة الأوقاف – العددان ( 190-191 ) .
70- المرأة في الفكر الإسلامي – جمال محمد فقي رسول الباجوري – مديرية دار الكتاب –جامعة الموصل .
71- المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الإسلامية – الدكتور عبد الكريم زيدان – مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان .
72- يسألونك ليزدادوا إيمانا – إبراهيم النعمة – مطبع الزهراء الحديثة – موصل العراق .
[1]- صحيح البخاري هامش فتح الباري / كتاب العلم / باب من يرد به الله خيراً رقم الحديث 17 ج1ص197 .
[2] – البقرة 286 .
[3] – البقرة : 82 .
[4] – النساء : 10 .
[5] – النساء : 4 .
[6] – النساء : 19 .
[7] – النساء : 3 .
[8] – المفصل في أحكام المرأة – عبد الكريم زيدان – ج6 ص288 و وانظر تفسير القرآن العظيم – ابن كثير ج1ص427 , تفسير المنار – محمد رشيد رضا – ج4ص358 , يسألونك ليزدادوا إيمانا – إبراهيم النعمة – ص61 .
[9] – المصادر السابقة .
[10] – النور : 33 .
[11] – أنظر الجامع لأحكام القرآن – القرطبي ج12ص243 وانظر تفسير القرآن العظيم ج3ص277 .
[12] – النساء : 3 .
[13] – روح المعاني , الآلوسي ج4ص197 , المفصل في أحكام المرأة ج6ص289 .
[14] – المصدران السابقان .
[15] -صحيح البخاري بهامش فتح الباري كتاب النكاح – باب الترغيب في النكاح ج9ص5 رقم الحديث /5063 صحيح مسلم بهامش النووي كتاب النكاح – باب استحباب لمن تاقت نفسهج3ص546 رقم الحديث/1 .
[16] -المصدران السابقان .
[17] – يسألونك ليزدادوا إيماناً –ص71 , وانظر في ظلال القرآنج2ض246 و المفصل في أحكام المرأة ج6ص290 ,
[18] – المفصل في أحكام المرأة ج6ص290 , وانظر الأحوال الشخصية –الدكتور أحمد الكبيسي ج1ص112 .
[19] – يسألونك ليزدادوا إيماناً –ص71, وانظر في ضلال القرآن – سيد قطبج2ص244 .
[20] – تفسير المنار جج4ص359 , وانظر في ظلال القرآن ج2ص244 و المرأة في الفكر الإسلامي – جمال محمد فتحي رسول الباجوري ج1ص276 .
[21]
[22] – يسألونك ليزدادوا إيماناً –ص72 , وأنظر العلاقات الجنسية غير الشرعية – الدكتور عبد الملك السعدي ج1ص357 .
[23] – الزخرف: 78 .
[24] – لسان العرب – ابن منظور – باب قسمج12ص478 .
[25] – ترتيب القاموس المحيط باب قسم/ج3ص620 .
[26] – ترتيب القاموس المحيط باب قسم/ج3ص620 ., مختار الصحاح –باب قسمص223 .
[27] – لسان العرب – باب قسم – ج12ص478 .
[28] – ترتيب القاموس المحيط باب قسم/ج3ص620 .
[29] – لسان العرب – باب قسم – ج12ص478 .
[30] – ترتيب القاموس المحيط باب قسم/ج3ص621 .
[31] – فتح باب العناية ج2ص79 و وانظر جواهر الإكليلج1ص326 , شرح الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية ج1ص222 .
[32] – المفصل في أحكام المرأة ج7ص266 .
[33] – النساء :3 .
[34] -روح المعاني ج4ص196, وانظر تفسير القرآن العظيم ج1ص427, الجامع لأحكام القرآن ج5ص15, تفسير المنارج4ص358 .
[35] – تفسير المنارج4ص358 .
[36] – النساء: 129 .
[37] – تفسير القرآن العظيم ج1ص534 .
[38] -. الجامع لأحكام القرآن ج5ص261 .
[39] – النساء: 19 .
[40] – المغني ج7ص229 .
[41] – أخرجه أحمد (24587) 6/144 , الترمذي (1140) كتاب النكاح , باب ما جاء في التسوية بين الضرائر , أبو داود (2134) ج2ص249 , النسائي (3943) ج7ص63 , أبن ماجة (1971) كتاب النكاح , باب القسمة بين النساء .
[42] – أخرجه أحمد (8363) باقي مسند المكثرين , 2/295 , الترمذي (1141) كتاب النكاح عن رسول الله . أبو داود (2133) ج2ص249 , النسائي (3942) ج7ص63 , أبن ماجة (1969) كتاب النكاح .
[43] – نيل الأوطار للشوكاني ج6ص371 .
[44] – صحيح البخاري بهامش فتح الباري (5217) 9/228 , كتاب النكاح , باب استئذان الرجل نسائه في أن يمرض في بيت بعضهن .
[50] – أنظر مختار الصحاح – مادة قرع ص222 و وانظر الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية ص265 .
[51] – أنظر الأم ج7ص337 , بدائع الصنائع ج2ص266 , مجلة الرسالة الإسلامية – العدوان (190-191) ص180 بحث مدى صلاحية القرعة لإنشاء الحق – الدكتور أحمد عبيد الكبيسي .
[52] – المصادر السابقة , وانظر الجامع لأحكام القرآن ج4ص86-87 .
[53] – الصافات:141 .
[54] – آل عمران: 44 .
[55] – الطرق الحكيمة ص265 .
[56] – ينظر الوجيز في أصول الفقه ص222 , عل أن القائلين به هم الأحناف فيما لم يقم فيه دليل من شريعتنا فإذا قام الدليل فالكل متفقون على العمل به على أنه من شريعتنا لا شريعة من قبلنا .
[57] – صحيح البخاري بهامش فتح الباري / كتاب الآداب / باب الاستهام في الآذان رقم الحديث (615)ج2ص114 .
[58] – صحيح البخاري بهامش فتح الباري/ كتاب الشركة / باب هل يقرع في القسمة ؟ رقم الحديث (2493) ج5ص157 .
[59] – صحيح البخاري بهامش فتح الباري / كتاب الجهاد والسير /باب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه رقم الحديث (2879) ج6ص91 .
[60] – صحيح مسلم بهامش النووي/كتاب الإيمان/ باب محبة المماليك , رقم الحديث (52) ج4ص219 .
[61] – صحيح البخاري بهامش فتح الباري / كتاب الآداب / باب الاستهام في الآذان /ج2 ص114 .
[62] – بدائع الصنائع ج2ص266 , مجلة الرسالة الإسلامية , العدوان (190-191) ص185 , بحث مدى صلاحية القرعة لإنشاء الحق أو تعيينه في الفقه الإسلامي للدكتور أحمد عبيد الكبيسي .
[77] – بدائع الصنائع – للكاساني ج2ص265-266 , الهداية للمرغيناني ج2ص241 , الاختيار , عبد الله بن محمود الموصلي ج3ص161 , المغني ج7ص240 , نيل الأوطار ج6ص370 .
[78] – المغني ج7ص240 , وانظر شرح صحيح مسلم- للنووي ج3ص642 , مغني المحتاج للشربيني ج3 ص256 , سبل السلام للصنعاني ج3 ص161 .
[79] – الدار قطني 3/284 .
[80] – ميزان الاعتدال ج3ص110 .
[81] – نيل الأوطار ج3ص370 .
[82] – مصنف عبد الرزاق ج6ص237 برقم (10650 عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب ) .
[83] – النساء 3 .
[84] – بدائع الصنائع ج2ص266, الاختيار ج3ص161 .
[85] – النساء : 19 .
[86] – النساء : 129 .
[87] – المصدران السابقان وانظر الفقه الإسلامي وأدلته – رهبة الزحيلي ج5ص6596 .
[88] – سبق تخريجه ص14 , وانظر نصب الراية – للزيلعي ج3ص214 , في الكلام على هذا الحديث .
[89] – سبق تخريجه ص14 , وانظر نصب الرايةج3ص214 , في الكلام على هذا الحديث , وبدائع الصنائع ج2ص266 , الاختيار ج3ص116 .
[90] – ينظر شرح صحيح مسلم للنووي 3/644 .
[91] – صحيح البخاري بهامش فتح الباري (100) 9/224 , كتاب النكاح , باب تزويج البكر على الثيب , وصحيح مسلم بهامش النووي (38) ج3ص644 كتاب الرضاع , باب قدر ما تستحقه البكر .
[92] – صحيح مسلم بهامش النووي , باب قدر ماتستحقه البكر والثيب رقم 37-38-39 ج3ص644.
[93] – الأنعام: 96 .
[94] – النبأ: 10 .
[95] – القصص: 73 .
[96] – ينظر المغني ج7ص233 , كشاف القناع : ج5ص29 , مغني المحتاج ج3ص254-255 , فتح المنان شرح زيد بن رسلان ص355 .
[97] – صحيح البخاري بهامش فتح الباري : كتاب النكاح – باب المرأة تهب يومها ج9ص233 , رقم(5212) , صحيح مسلم بهامش النووي : كتاب الرضاع – باب جواز هبة المرأة نوبتها لضرتها ج3ص648 و رقم(44) .
[98] – الغاية القصوى في دراية الفتوى ج2ص768 , المغني ج7ص233 , مغني المحتاج ج3/254-255 , إتحاف السادة المتقين ج5 ص367 و فتح المنان ج2ص355 .
[115] – نصب الراية 3/216 , وقال عنه: روى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما والدار قطني ثم البيهقي في سننيهما عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله ألأسدي عن على , وذكر الحديث … ثم قال المنهال فيه مقال , وعباد ألأسدي ضعيف . فعلى هذا يكون الحديث ضعيفاً .
-[116] المغني 7/235 مغني المحتاج 3/256 .
[117] – الأحكام وهو جمع حكم والحكم في اللغة القضاء , أنظر مختار الصحاح ص62.
والحكم في اصطلاح الأصوليين : هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع وهو ينقسم
إلى قسمين :
1- الحكم ألتكليفي : وهو ما يقتضي طلب الفعل أو الكف عنه أو التخيير بين الفعل والترك .
2- الحكم الوضعي : وهو ما يقتضي جعل شيء سبباً لشيء آخر أو شرطاً له أو مانعاً منه , الوجيه في أصول الفقه , د.عبد الكريم زيدان , ص18 , وينظر جمع الجوامع بحاشية البناني 1/46 .
-[158] نيل الأوطار 6/378, المغني 7/237, سبل السلام 3/162.
-[159] صحيح البخاري بهامش فتح الباري(2512) 9/223, كتاب النكاح, باب المرأة تهب يومها , صحيح مسلم بهامش النووي(44)3/648/ , كتاب الرضاع , باب جواز هبة الرئة نوبتها لضرتها .
-[160] المغني 7/236.
-[161] جواهر الآكلين 1/326.
-[162] مغني المحتاج 3/255.
-[163] مغني المحتاج 3/255, وانظر المغني 7/236.
[164] – الاختيار 3/116, شرح الأحكام الشرعية 1/223.
[183] – صحيح البخاري بهامش فتح الباري , كتاب النكاح , باب المرأة تهب يومها رقم الحديث (5212) 9/223, صحيح مسلم بهامش النووي , كتاب الرضاع جواز هبة المرأة نوبتها لضرتها رقم الحديث (44) 3/648 .
[184] – ابن ماجة . (1975) كتاب النكاح , باب المرأة تهب يومها لصاحبتها .