التلبية بغير اللغة العربية
اجمع العلماء([1]) على أن التلبية مشروعة والتي هي (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) وانها تلفظ باللفظ العربي، ولكنهم اختلفوا في جواز التلبية بغير اللغة العربية على قولين:
القول الأول: يجوز التلبية بغير اللغة العربية سواء عجز عن ادائها باللغة العربية أو لم يعجز، والى هذا ذهب الحنفية([2]).
وحجتهم في ذلك:
لم اجد دليلا نقليا يؤيد مذهبهم إلا انهم استدلوا بالمعقول…حيث انهم ذكروا هذا القول بناءا على قياسهم المسالة على الذكر عقب الصلوات حيث يجوز الذكر بالعربية وبغيرها اتفاقا([3]).
وقد يجاب عن هذا الاستدلال بان النبي e حيث حج في حجة الوداع قال (خذوا عني مناسككم)([4]) ومن ضمن هذه المناسك التلبية حيث حذف النبي eما اضاف المشركون على هذه التلبية فقد كانوا يقولون كما روى ابن عباس y(كان المشركون يقولون لبيك لا شريك لك، قال: فيقول رسول الله e (ويلكم قد قد) فيقولون: إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك. يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت)([5])، فالتلفظ بها والتقييد بألفاظها أمر مراد من قبل النبي e إلا إذا عجز فعندها يعدل عن لفظها بالعربية إلى لفظها بلغته.
القول الثاني: التلبية تؤدى باللغة العربية وان عجز عن ادائها بالعربية جازت بغيرها، والى هذا ذهب المالكية([6]) والشافعية([7]) والحنابلة([8]).
وحجتهم في ذلك:
المعقول حيث قايسوا المسالة على الاذان والاذكار المشروعة في الصلاة. قال ابن قدامة (ولا يلبي بغير العربية إلا ان يعجز عنها لأنه ذكر مشروع فلا يشرع بغير العربية كالأذان والاذكار المشروعة في الصلاة)([9]).
الرأي الراجح:
بعد هذا العرض للأقوال وأدلتها فالذي أميل اليه واراه راجحا ما ذهب اليه أصحاب القول الثاني لان الأصل في العبادة الإتباع وأنها توقيفية إلا عند العجز فتجوز من باب الضرورة والتيسير. والله اعلم
([1]) شرح النووي على مسلم 4/298، الفروع 5/387.
([2]) الهداية 1/149، فتح القدير 2/343.
([4]) مسلم/ كتاب الحج/ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر/ رقم الحديث (2286).
([5]) مسلم/ كتاب الحج/ باب التلبية وصفتها/ رقم الحديث (2032).
([7]) المجموع 7/221، مغني المحتاج 1/482.