المتمتع اذا رجع الى الميقات بعد تجاوزه من غير احرام
سقوط الدم عن المتمتع إذا رجع إلى الميقات
اتفق العلماء على ان المتمتع يلزمه دم([1])ولكنهم اختلفوا في سقوط الدم عن المتمتع إذا تحلل من عمرته ورجع إلى الميقات على النحو الآتي.
القول الأول: يسقط عنه الدم إذا رجع إلى اهله قبل شروعه في الحج، روي ذلك عن ابن عمر y وعن بعض التابعين مثل سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس ومجاهد وابراهيم النخعي([2])وهو مذهب أبي حنيفة وقيدوه بكونه لم يكن قد ساق الهدي([3])ومذهب مالك([4])الا انه ذكر.. إذا رجع إلى بلده أو قطع مسافة بقدر مسافة بلده([5]).
وحجتهم في ذلك: لم اجد دليلا نقليا يؤيد ما ذهبوا اليه سوى قول الصحابي ابن عمرy وأدلة عقلية منها:
1-احتج الحنفية بقولهم (لانه الم باهله فيما بين النسكين الماما صحيحا.. وبذلك يبطل التمتع…هذا لان حد التمتع ليس بصادق عليه حيث انشا لكل نسك سفرا من اهله والمتمتع من يترفق باداء النسكين في سفرة واحدة)([6]).
القول الثاني: يسقط عنه الدم إذا رجع إلى الميقات.
روي هذا عن عمر بن الخطاب t وروى هذا عن عطاء([7])وهو مذهب الشافعية([8])ويعنون به الميقات الذي احرم منه، وهو مذهب الحنابلة([9])ويعنون كل المواقيت ومنهم من حده بمسافة القصر، وهو مذهب الإمامية لكنهم قيدوه بان لم يرجع إلى مكة حتى انقضى الشهر الذي اعتمر فيه([10]).
وحجتهم في ذلك:
1-قول سيدنا عمر بن الخطاب t (من رجع فليس بمتمتع)([11]) رواه بسنده ابن حزم.
القول الثالث: لا يسقط عنه الدم وان رجع إلى أهله.
روي هذا عن ابن عباس y والحسن البصري وابن المنذر([12])، وهو مذهب الظاهرية([13])وقول للامامية لكنهم قيدوه بكونه رجع إلى مكة قبل أن ينقضي الشهر الذي اهل فيه بالعمرة([14]).
وحجتهم في ذلك:
1-قوله تعالى: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)([15]).
وجه الدلالة: ظاهر الآية ان الله تبارك وتعالى أوجب الهدي على من تمتع بالعمرة إلى الحج من دون تفريق بين كونه رجع إلى بيته أو لم يرجع([16]).
وقد يجاب عن هذا بان التمتع لمن هو داخل الحرم الذي لا يحل دخوله عند قصد النسك من غير إحرام فإذا خرج إلى الميقات عاد إلى الحل وهو الذي لا يتعلق به حكم التمتع والخروج إلى الميقات هو إبطال للتمتع ومعه إبطال المتعلقات وهو الدم. والله اعلم
الرأي الراجح:
بعد عرض الأقوال وأدلتها ومناقشة الأدلة فالذي يبدو لي أنّ القول بإسقاط الدم عمن خرج من الميقات أولى بالأخذ وذلك لان الصحابي الكبير والفقيه عمر بن الخطابy ممن قالوا به وهو اعلم بمقتضى ومراد الآية التي استدل بها المانعون وهو من باب التيسير إذ قد لا يجد الهدي ولا يقوى على الصيام وقد يبدو له نقض الحج إلى عام آخر وفي إيجاب الدم عليه هنا مشقة ظاهرة. والله اعلم
([1]) شرح فتح القدير 2/431، تهذيب المدونة 1/506، المجموع 7/156، الفروع 5/347.
([2]) ينظر شرح فتح القدير 2/431، الفروع 5/347.
([3]) بدائع الصنائع 2/173، شرح فتح القدير 2/431.
([7]) المحلى 7/159، الفروع 5/347.
([8]) المجموع 7/156، حلية العلماء 3/221، كفاية الطالبين ص57، الايضاح ص138، المنهج القويم 1/599.
([9]) المغني 1/111، الفروع 5/348.
([10]) من لا يحضره الفقيه 2/238، شرائع الاسلام 1/238.
([12]) المحلى 7/159، الفروع 5/349.
([14]) من لا يحضره الفقيه 2/238، شرائع الاسلام 1/238.