قفزة فيليكس

0
67

سُئل الدكتور حسن سهيل عبود عن حكم قفزة فيلكس التي قام بها قبل ايام ٍقلائل ماهي نظرة الشرع لها وهل يجوز تقليدها من المسلمين؟

فأجاب مشكوراً وقال:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.

فقد رأينا على شاشات التلفزة ما قام به الرجل النمساوي فيلكس إذ  قام بالقفز من الفضاء وقد سُئلنا عن نظرة الشرع لهذه القفزة؟ نقول وقبل الاجابة عن هذا السؤال :

 لقد اظهرت هذه القفزة عظمة الانسان فقد كانت قريبة من المعجزة والخيال وقد اظهرت عظمة العلم وكيف هي القياسات الدقيقة للسرعة ولدوران الارض وغير ذلك.

فالغلاف الجوي يتكون من عدة طبقات وهي سبع طبقات وفيلكس تجاوز أكثر من طبقة وبهذا تتجلى عظمة القرآن إذ قال تعالى ((لتركبن طبقاً عن طبق)) وحيث انه أول رجلٍ يقفز من هذا المكان ويخرج عن الآلة نتذكر قوله تعالى ((سنريهم آياتنا في الافاق وفي انفسهم)) فالإنسان الجسم القوي الذي يتحمل هذا الضغط وهذا السقوط فكان حقاً آيةً من آيات الله تبارك وتعالى فالمسافة كانت كبيرة فقد بلغت 39 كيلومتر، وهي مسافة كبيرة وعظيمة خصوصاً إذا علمنا الآتي أن سمك الغلاف الجوي هو 600 كيلومتر وان الطبقة التي تبلغ 80 كيلو متر والمسمات بالطبقة المكهربة (( الرجم الشهبي)) وهي التي اشار اليها القرآن الكريم ((وأنا لمسنا السماء فوجدنا ملئت حرساً شديداً وشهباً)) وقوله (( ومن يسترق السمع يجد له شهباً رصداً)) وهو قد اقترب منها كثيراً وهذه المنطقة ترجم فيها الارض ب (10،000) شهاب في الساعة وقفزته من منتصف منطقة     الاستراتوسفير وقد مرّت هذه القفزة بثلاثة أطوار وهي خطرة جداً وهي طور الانطلاق فقد تحول من (صفر) السرعة عند بداية القفزة وبدأ بالتسارع حتى وصل الى طور التسارع  فبلغ سرعة الصوت والبالغة (270) متر في الثانية الواحدة ثم كسر حاجز الصوت وبعد هذا دخل الى مرحلة تخفيف السرعة عند اطلاق وفتح المضلة وهي ما يسمى بالسرعة السالبة وفي اثناء هذا كله لم يفقد الوعي ولم يفقد التوازن ونزل بصورة متوازنة ومستقيمة الى الارض، فقد كانت بحق قفزة رائعة ومهملة وتستحق الاحترام.

الحكم الشرعي فيها:

القفز من حيث كونه قفزاً غير ممنوع شرعاَ إذا كان اختياراَ ولم يكن فيه خطرٌ على القافز, أما إذا كان فيه خطورة والأذى فيه متحقق فالإقدام عليه جرم لقوله تعالى ((ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)) وقوله عليه الصلاة والسلام (لا ضرر ولا ضرار),  هذا أولاً.

اما من حيث حكم القفز فالقفز يتبع السبب فاذا كان السبب مشروعاً وجائزاً ولا ضرر فيه فالقفز جائز مهما بلغت المسافة وان كان لسبب غير جائز أو الخطر متوقع فالقفز غير جائز.

ومن امثلة ما اجازه المسلمون من القفز مع وجود الخطورة لكنها غير متيقنة والقصد كان نبيلا مقبولا شرعا قفزه الصحابي الجليل البراء بن مالك في موقعة  حديقة الموت عند حرب مسيلمة، حيث طلب البراء من الصحابة ان يلقوه من فوق السور ليفتح باب الحصن فعارض بعض الاصحاب ووافق بعضهم وفعلوا به  ما طلب منهم وفتح الحصن.

ومثال آخر قفز عباس بن فرناس عالم قرطبة من مكانٍ شاهق محاولا الطيران فلم يعترض عليه أحد مع أنه سقط وكسر ضلعه.

وبعد هذا فالذي رأيناه وسمعناه ان سبب هذه القفزة هو مسألة علمية وتنافس في تسجيل رقم قياسي مع أخذ جميع التحوطات والتدابير من أجل السلامة منها القياسات الدقيقة والمتابعة المكثفة للعملية والاتصال مع القافز والملابس التي تتحمل الضغط الهائل والحرارة العالية والمضلة من اجل الانقاذ والفرقة الطبية وغيرها من التدابير كل هذا ساعد في انجاح القفزة وبسلام فالذي أراه والله اعلم أنه لا يوجد مانع شرعي يمنع من القيام بمثل هذا العمل إذا كان بمثل هذه الدقة وهذا التحوط والله اعلم.