بين العلماء آراءهم في مسألة أدخال الحج على العمرة, او ادخال العمرة على الحج, لكن الذي نريد ان نذكره هو من قال أهل بالعمرة ثم تركها وأهل بالحج قبل الطواف للعمرة على أقوال:
القول الأول: قال الإمام المتولي (رحمه الله) ” لو لم ينوِ القران ولكن قال صرفت إحرامي إلى الحج حسب له الحج؛ لانه ان كان محرما بالحج فقد جدد إحراما به فلا يضره وإن كان محرما بالعمرة فقد أدخل الحج عليها قبل الطواف مع أستحباب أراقة الدم من أحتمال القران”([1]), وبه قال الحنفية([2]), والشافعية([3]) والحنابلة([4]).
القول الثاني: قال المالكية([5]) من احرم بالعمرة وقبل ان يطوف احرم بالحج كان قارنا, لكنهم لم يوجبوا الدم ألا في حالة شروعه في الطواف.
دليل أصحاب القول الأول:
الدليل الاول: عنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، «وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) بِالحَجِّ»، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالحَجِّ أَوْ جَمَعَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى يَوْمِ النَّحْرِ([6]).
وجه الدلالة:
دل الحديث ان سيدتنا عائشة انها ارادت ان تخبرنا انها اهلت بالعمرة ثم بالحج, اي قرنت وهذا جائز قبل الطواف([7]).
الدليل الثاني: القياس على قوة فراش الزوجية وضعف فراش الملك فلو وطئ امة ونكح أختها وحرم أن يطأ الامة مرة أخرى وثبت النكاح. وأن تقدم النكاح حرم عليه الوطء بالملك أبتداءً([8]).
الدليل الثالث: لانه ان كان محرما بالحج فقد جدد أحرامه به فلا يضره([9]).
الدليل الرابع: ان بناء أفعال الحج على أعمال العمرة صحيح في حقه([10]).
ونوقش: بأنه كان قارناً لان انتقل من الادنى الى الاعلى([11]).
دليل أصحاب القول الثاني:
الدليل الاول: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ نَذْكُرُ إِلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكِ؟» قُلْتُ: لَوَدِدْتُ وَاللَّهِ أَنِّي لَمْ أَحُجَّ العَامَ، قَالَ: «لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَإِنَّ ذَلِكِ شَيْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي»([12])
وجه الدلالة:
دل الحديث على جواز ادخال الحج على العمرة قبل الطواف([13]).
الرأي الراجح:
بعد عرض اقوال الفقهاء وبيان أدلتهم, يبدو لي والله أعلم ان رأي أصحاب القول الاول هو الراجح لقوة أدلتهم.
([2]) فرق الحنفية في قولهم هذا بين المكي والافاقي, لان المكي اذا ادخل الحج على العمرة رفضت الحج وعليه لرفضه دم وعليه حجة وعمرة, واما الافاقي فترفض العمرة, ينظر: المبسوط للسرخسي 4/182, والهداية 1/173, والبناية شرح الهداية 4/427.
([3]) ينظر: الحاوي الكبير 4/38, والمهذب في فقه الامام الشافعي 1/377, وبحر المذهب للروياني 3/427.
([4]) ينظر: المغني لابن قدامة 3/268,
([5]) ينظر: عقد الجواهر الثمينة1/273, والذخيرة للقرافي 3/289.
([6]) أخرجه البخاري في صحيحه, باب حجة الوداع 5/177, (4408), وأخرجه مسلم في صحيحه, باب بيان وجوه الاحرام, وانه يجوز أفراد الحج والتمتع والقران, وجواز أدخال الحج على العمرة, ومتى يحل القارن من نسكه 2/873, (1211), وأخرجه ابي داود في سننه, باب في أفراد الحج 2/152, (1779), وهو حديث صحيح.
([10]) البناية شرح الهداية 4/427.
([12]) اخرجه البخاري في صحيحه, باب تقضي الحائض المناسك كلها الا الطواف 1/68, (305), وأخرجه مسلم في صحيحه, باب بيان وجوه الاحرام وانه يجوز افراد الحج والتمتع والقران 2/873, (1211).