اجمع العلماء على أنّ عرفة كلها موقف ولا ميزة لجزء فيها على الآخر استحبابا إلا موقفه e وهي محددة معروفة لها أربعة حدود احدها ينتهي إلى جادة طريق المشرق والثاني إلى حافات الجبل الذي وراء ارض عرفات والثالث إلى البساتين التي تلي قرية عرفات وهذه القرية على يسار مستقبل الكعبة إذا وقف بأرض عرفات والرابع ينتهي إلى وادي عرنة([1]) وانه ليس من عرفات وادي عرنة ولا نمرة ولا المسجد الذي يصلي فيه الإمام المسمى مسجد إبراهيم (عليه السلام) ويقال له أيضا مسجد عرفة بل هي خارج عرفات وقيل مقدم المسجد في طرف وادي عرفة لا في عرفات واخره في عرفات فمن وقف في مقدمه فليس ذلك الوقوف صحيحا([2]).
وهذا مذهب الحنفية([3]) والمالكية([4]) والشافعية([5]) والحنابلة([6])والظاهرية([7]) والزيدية([8]) والامامية([9]).
ومستند قولهم هذا أحاديث كثيرة:
1-حديث جابر (رضي الله عنه) ان رسول الله (صلى الله عيه وسلم) قال: (نحرت هاهنا ومنى كلها منحر. فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا وعرفة كلها موقف ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف)([10]).
وجه الدلالة: قال النووي: (في هذه الألفاظ بيان رفق النبي (صلى الله عيه وسلم) بأمته وشفقته عليهم في تنبيههم على مصالح دينهم ودنياهم فانه (صلى الله عيه وسلم) ذكر لهم الأكمل والجائز، فالأكمل موضع نحره ووقوفه، والجائز كل جزء من أجزاء النحر، وجزء من أجزاء عرفات)([11]).
2-حديث جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عيه وسلم) : (كل عرفة موقف وارتفعوا عن بطن عرفة)([12]).
وفيه القاسم بن عبد الله ألعمري وقد ضعفه العلماء.
3-ما رواه مالك أن النبي (صلى الله عيه وسلم) قال: (عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عرفة….)([13]). وحدث مثله عن عبد الله بن الزبير (رضي الله عنه) ([14]).
4-حديث يزيد بن شيبان قال: (أتانا ابن مربع الأنصاري ونحن وقوف بالموقفمكاناً يباعده عمرو عن الإمام فقال: أما أني رسول رسول الله e إليكم يقوللكم: قفوا على مشاعركم فانكم على ارث من ارث أبيكم إبراهيم)([15]).
وبعد هذا فاني ذكرت هذه المسالة لأنها من التيسير الذي كان النبي (صلى الله عيه وسلم) ينشده في حجه وهو بيان منه e على أنّ الحج مبني على التيسير لا على التعسير ووقوفه وأمره الناس بالوقوف أماكنهم أعظم دليل على قولنا هذا بقي أن نعرف أنّ ما يفعله بعض الناس اليوم من الحرص على الوقوف على جبل الرحمة أو عند الصخرات ظنا منهم انه لا يصح الوقوف إلا به لا على سبيل فعل الأفضلية وتطبيق السنة فهو خطا يجب التنبيه عنه. والله اعلم
([1]) الايضاح ص277، نيل الاوطار 5/137.
([2]) الايضاح: 1/277، نيل الأوطار: 5/137.
([6]) المغني 3/207، الفروع 6/47.
([8]) نيل الاوطار 5/137، سبل السلام 2/203.
([9]) من لا يحضره الفقيه 2/281، شرائع الاسلام 1/253.
([10]) مسلم/ كتاب الحج/ باب ما جاء ان عرفة كلها موقف/ رقم (2218).
([11]) شرح النووي على مسلم 4/385.
([12]) ابن ماجة/ كتاب المناسك/ باب الموقف بعرفات/ رقم (3003).
([13]) الموطا/ كتاب الحج/ باب الوقوف بعرفة والمزدلفة/ رقم (883).
([15]) الترمذي/ كتاب الحج عن رسول الله/ باب ما جاء في الوقوف بعرفات/ رقم (809) وقال عنه حسن، النسائي/ كتاب منساك الحج/ باب رفع اليدين في الدعاء/ رقم (2964)، ابو داود/ كتاب المناسك/ باب موضع الوقوف بعرفة/ رقم (1639).واللفظ له