وقت قطع التلبية

0
98

اختلف العلماء في الوقت الذي تقطع فيه التلبية والتي هي من أعمال الحج إلى قولين:

القول الأولقطع التلبية قبل رمي الجمرات، وهو مذهب جماعة من الصحابة والتابعين والمالكية على الوجه الآتي:

أ-يقطع التلبية إذا راح إلى الموقف وبه قال: سعد بن أبي وقاص وعائشة y .

ب-يقطع التلبية بعد صلاة الغداة ليوم عرفة وبه قال الحسن بن علي والحسن البصري.

ج-يقطع التلبية إذا زالت الشمس ليوم عرفة وبه قالت ام سلمة والاوزاعي والليث وهو مذهب المالكية([1]).

وحجتهم في ذلك:

استدل أصحاب هذا القول بادلة:

1-ما رواه ابن عبد البر بسنده (أن عمر بن عبد العزيز قال لعبيد الله بن عبد الله بن عمر سالت أباك عن اختلاف الناس في التلبية فقال اخبرني أبي انه أتى مع رسول الله e من منى غداة عرفة حيث صلى الصبح قال: فلم تكن لي همة إلا ان ارمق الذي أراه يصنع فسمعته يهلل ويكبر والناس كهيئته يهللون ويكبرون ورسول الله e يسمع ذلك كله فلم اره ينهى عن شيء من ذلك كله ولزم التهليل والتكبير)([2]).

2-حديث محمد بن أبي بكر الثقفي قال سالت انس بن مالك ونحن غاديان من منى إلى عرفات عن التلبية كيف كنتم تصنعون مع النبي e قال كان يلبي الملبي لا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه([3]).

وجه الدلالة: ان الصحابة منهم من يكبر ومنهم من يلبي وفيه دلالة على ان التلبية هنا ليست الوحيدة المشروعة.

ويجاب عن هذا الاستدلال بأنه لا حجة فيه لأننا لسنا بصدد الجواز وعدمه فقد كان النبي e يسال فيقول (افعل ولا حرج) وإنما نحن بصدد فعله عليه الصلاة والسلام.

القول الثاني: يستمر الحاج في التلبية حتى رمي جمرة العقبة، وهو قول أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وأم المؤمنين ميمونة وابن الزبيرy وهو قول عطاء وطاوس وسعيد بن جبير والنخعي والثوري([4])، وهو مذهب الحنفية([5]) والشافعية([6]) والحنابلة([7]) والظاهرية([8]) والزيدية([9]).

فالجمهور يرون انقطاع التلبية عند رمي أول حصاة بينما ذهب ابن حزم والشوكاني إلى أنّ الانقطاع يكون بعد إكمال رمي الجمرة.

وحجتهم في ذلك:

استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها:

1-حديث ابن عباس y : (ان اسامة بن زيد t كان ردف النبي e من عرفة إلى المزدلفة ثم اردف الفضل من المزدلفة إلى منى قال فكلاهما قال لم يزل النبي e يلبي حتى رمى جمرة العقبة)([10]).

2-حديث الفضل بن العباس y قال: (كنت ردف النبي e فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة)([11]).

وجه الدلالة: ظاهر لا يحتاج إلى بيان.

الرأي الراجح:

بعد عرض الاقوال ومناقشة الأدلة اتضح لي رجحان مذهب جماهير العلماء وذلك لقوة ادلتهم وكذا لان قولهم قال به جمهور الصحابة لاسيما الخلفاء الراشدون منهم.

([1]) التمهيد لابن عبد البر 13/81، المغني 3/220، المحلى 7/137.

([2]) التمهيد لابن عبد البر 13/74.

([3]) البخاري/ كتاب الجمعة/ باب التكبير ايام منى/ رقم (917)- مسلم /كتاب الحج/ باب التلبية والتكبير/ رقم (2255).

([4]) التمهيد لابن عبد البر 13/81، المغني 3/220، المحلى 7/137.

([5]) الهداية 1/147.

([6]) المجموع 8/132.

([7]) المغني 3/220.

([8]) المحلى 7/137.

([9]) نيل الاوطار 5/55.

([10]) البخاري/ كتاب الحج/ باب الركوب والارداف/ رقم (1443).

([11]) النسائي/ كتاب مناسك الحج/ باب التكبير مع كل حصاة- رقم (3029).